بن عبد الرحمن بأفريقية فقال يومًا: ما أظن قوما بأرض إلا وهم من أهلها. فقال علي بن رباح: كلا قد حدثني فلان أن فروة بن مُسَيك الغُطَيفي (١) قدم على رسول الله ﷺ فقال: يا رسول (٢) الله، إن سبأ قوم كان لهم عز في الجاهلية، وإني أخشى أن يرتدّوا عن الإسلام، أفأقاتلهم؟ فقال:"ما أمرت فيهم بشيء بعد". فأنزلت هذه الآية:(لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ) الآيات، فقال له رجل: يا رسول الله، ما سبأ؟ فذكر مثل هذا الحديث الذي قبله: أن رسول الله ﷺ سُئل عن سبأ: ما هو؟ أبلد، أم رجل، أم امرأة؟ قال:"بل رجل، وَلَد له عَشَرَة فسكن اليمن منهم ستة، والشام أربعة، أما اليمانيون: فمذحج، وكندة، والأزد، والأشعريون، وأنمار، وحمير غير ما حلها. وأما الشام: فلخم، وجذام، وغسان، وعاملة".
فيه غرابة من حيث ذكر [نزول](٣) الآية بالمدينة، والسورة مكية كلها، والله (٤) أعلم.
طريق أخرى: قال ابن جرير: حدثنا أبو كُرَيْب، حدثنا أبو أسامة، حدثني الحسن بن الحكم، حدثنا أبو (٥) سَبْرَة النَّخَعِي، عن فَرْوَة بن مُسَيْك الغُطَيْفي (٦) قال: قال رجل: يا رسول الله، أخبرني عن سبأ: ما هو؟ أرض، أم امرأة؟ قال:"ليس بأرض ولا امرأة، ولكنه رجل ولد له عشرة من الولد، فتيامن ستة وتشاءم أربعة، فأما الذين تشاءموا: فلخم وجذام وعاملة وغسان، وأما الذين تيامنوا: فكندة، والأشعريون، والأزد، ومذحج، وحمير، وأنمار". فقال رجل: ما أنمار؟ قال:"الذين منهم خثعم وبجيلة".
ورواه الترمذي في جامعه، عن أبي كُرَيْب وعبد بن حميد قالا حدثنا أبو أسامة، فذكره أبسط من هذا، ثم قال: هذا حديث حسن غريب. (٧)
وقال أبو عمر بن عبد البر: حدثنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، حدثنا ابن كثير -هو عثمان بن كثير-عن الليث بن سعد، عن موسى بن على، عن يزيد بن حصين، عن تميم الداري؛ أن رجلا أتى رسول الله ﷺ فسأله عن سبأ، فذكر مثله، فقوي هذا الحديث وحَسّن. (٨)
قال علماء النسب، منهم محمد بن إسحاق: اسم سبأ: عبد شمس بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
وإنما سمي سبأ لأنه أول من سبأ في العرب، وكان يقال له: الرائش؛ لأنه أول من غنم في الغزو فأعطى قومه، فسمي الرائش، والعرب تسمي المال: ريشا ورياشا. وذكروا أنه بشَّر برسول الله ﷺ في زمانه (٩) المتقدم، وقال في ذلك شعرًا:
(١) في أ: "القطيعي". (٢) في س، أ: "يا نبي". (٣) زيادة من أ. (٤) في س: "فالله". (٥) في أ: "ابن". (٦) في أ: "القطيعي". (٧) تفسير الطبري (٢٢/ ٥٣) وسنن الترمذي برقم (٣٢٢٢). (٨) القصد والأمم ص (٢٠). (٩) في ت، أ: "الزمان".