يقول تعالى متوعدا من أشرك به غيره، وعَبَدَ معه سواه، ومخبرًا أن من أشرك بالله (لا بُرْهَانَ لَهُ) أي: لا دليل له على قوله -فقال:(وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ)، وهذه جملة معترضة، وجواب الشرط في قوله:(فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) أي: الله يحاسبه على ذلك.
ثم أخبر:(إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) أي: لديه يوم القيامة، لا فلاح لهم ولا نجاة.
قال قتادة: ذكر لنا أن نبي الله ﷺ قال لرجل: "ما تعبد؟ " قال: أعبد الله، وكذا وكذا-حتى عدّ أصناما، فقال رسول الله ﷺ:"فأيّهم إذا أصابك ضُرٌّ فدعوتَه، كشفه عنك؟ ". قال: الله ﷿. قال: ["فأيّهم إذا كانت لك حاجة فدعوتَه أعطاكها؟ " قال: الله ﷿. قال] (١): "فما يحملك على أن تعبد هؤلاء معه؟ " قال: أردت شكره بعبادة هؤلاء معه أم حسبت أن يغلب عليه. فقال رسول الله ﷺ:"تعلمون ولا يعلمون" قال (٢) الرجل بعد ما أسلم: لقيت رجلا خصمني.
هذا مرسل من هذا الوجه، وقد روى أبو عيسى الترمذي في جامعه مسندًا عن عمران بن الحُصَيْن، عن أبيه، عن رسول الله ﷺ نحو ذلك (٣).
وقوله:(وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) هذا إرشاد من الله إلى هذا الدعاء، فالغَفْرُ -إذا أطلِق-معناه محو الذنب وستره عن الناس، والرحمة معناها: أن يسدده ويوفقه في الأقوال والأفعال.
آخر تفسير سورة المؤمنون.
(١) زيادة من ف، أ. (٢) في أ: "فقال". (٣) سنن الترمذي برقم (٣٤٨٣) وقال: "هذا حديث غريب".