بن الأرت، كنت قينًا بمكة، فكنت أعمل للعاص بن وائل، قال: فاجتمعت لي عليه دراهم، فجئت لأتقاضاه (١)، فقال لي: لا أقضيك (٢) حتى تكفر بمحمد. فقلت: لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث. قال: فإذا بعثت كان لي مال وولد. قال: فذكرت ذلك لرسول الله ﷺ فأنزل الله: (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا) إلى قوله: (وَيَأْتِينَا فَرْدًا) (٣).
وقال العَوْفِيّ عن ابن عباس: إن رجالا من أصحاب رسول الله ﷺ كانوا يطلبون العاص بن وائل السهمي بدين، فأتوه يتقاضونه، فقال: ألستم تزعمون أن في الجنة ذهبًا وفضة وحريرًا، ومن كل الثمرات؟ قالوا: بلى. قال: فإن موعدكم (٤) الآخرة، فوالله لأوتين مالا وولدًا، ولأوتين مثل كتابكم الذي جئتم به. فضرب الله مثله في القرآن فقال (٥) (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا) إلى قوله: (وَيَأْتِينَا فَرْدًا)
وهكذا قال مجاهد، وقتادة، وغيرهم: إنها نزلت في العاص بن وائل.
وقوله: (لأوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا) قرأ بعضهم بفتح "الواو" من "ولدا" وقرأ آخرون بضمها، وهو بمعناه، قال رؤبة:
الحمْدُ للهِ العزيز فَرْدًا … لَمْ يتخذ مِنْ وُلْد شيء وُلْدا (٦)
وقال الحارث بن حلزة:
وَلَقَد رأيتُ معَاشرًا … قد تمرُوا مالا وَولْدا (٧)
وقال الشاعر:
فَلَيت فُلانًا كانَ في بَطْن أمه … وَليتَ فُلانًا كان وُلْد حِمَار (٨)
وقيل: إن "الوُلْد" بالضم جمع، "والوَلَد" بالفتح مفرد، وهي لغة قيس، والله أعلم.
وقوله: (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ): إنكار على هذا القائل، (لأوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا) يعني: يوم القيامة، أي: أعلم ما له في الآخرة حتى تَألى (٩) وحلف على ذلك، (أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا): أم له عند الله عهد سيؤتيه ذلك؟ وقد تقدم عند البخاري: أنه الموثق.
وقال الضحاك، عن ابن عباس: (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا) قال: لا إله إلا الله، فيرجو بها (١٠). وقال محمد بن كعب القرظي: (أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا) (١١) قال: شهادة أن لا إله إلا الله، ثم قرأ: (أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا).
(١) في ف، أ: "أتقاضاه".
(٢) في أ: "فقال لي أقضيك".
(٣) تفسير عبد الرزاق "٢/ ١٣".
(٤) في ت: "قال فموعدكم".
(٥) في ت: "فقالوا".
(٦) الرجز في تفسير الطبري (١٦/ ٩٢).
(٧) البيت في تفسير الطبري (١٦/ ٩٢).
(٨) البيت في تفسير الطبري (١٦/ ٩٢) واللسان مادة "ولد" غير منسوب.
(٩) في أ: "حتى مالأ".
(١٠) في أ: "فيرجونها".
(١١) في ف: "أم اتخذ"، وفي هـ: "إلا من اتخذ"، وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه.