وقال قتادة في قوله: (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا): فيها ساعتان: بكرة وعشي: ليس ثم (١) ليل ولا نهار، وإنما هو ضوء ونور.
وقال مجاهد ليس [فيها] (٢) بكرة ولا عشي، ولكن يُؤتون به على ما كانوا يشتهون في الدنيا.
وقال الحسن، وقتادة، وغيرهما: كانت العرب، الأنْعَم فيهم، من يتغدّى ويتعشى، ونزل (٣) القرآن على ما في أنفسهم (٤) من النعيم، فقال تعالى: (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا)
وقال ابن مهدي، عن حماد بن زيد، عن هشام، عن الحسن: (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) قال: البكور يرد على العشي، والعشي يرد على البكور، ليس فيها ليل.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا سليم (٥) بن منصور بن عمار، حدثني أبي، حدثنا محمد بن زياد قاضي أهل شَمْشَاط (٦) عن عبد الله بن جرير (٧) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: "ما من غداة من غدوات الجنة، وكل الجنة غدوات، إلا أنه يزف إلى ولي الله فيها زوجة من الحور العين، أدناهن التي خلقت من الزعفران" (٨)
قال أبو محمد: هذا حديث منكر.
[وقوله تعالى] (٩) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا) أي: هذه الجنة التي وصفنا بهذه الصفات العظيمة هي التي نورثها عبادنا المتقين، وهم المطيعون لله ﷿-في السراء والضراء، والكاظمون (١٠) الغيظ والعافون (١١) عن الناس، وكما قال تعالى في أول سورة المؤمنين: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ إلى أن قال: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [المؤمنون: ١ - ١١]
﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (٦٤)﴾
قال الإمام أحمد: حدثنا يَعْلى ووكيع قالا حدثنا عمر بن ذَرّ، عن أبيه، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ لجبريل: "ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟ " قال: فنزلت (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ) إلى آخر الآية.
انفرد بإخراجه البخاري، فرواه عند تفسير هذه الآية عن أبي نعيم، عن عمر بن ذر به. ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير، من حديث عمر بن ذر به (١٢) وعندهما زيادة في آخر الحديث، فكان
(١) في أ: "ثمت".
(٢) زيادة من ف، أ.
(٣) في أ: "فنزل".
(٤) في ف: "نفوسهم".
(٥) في جميع النسخ: "سليمان" والمثبت من الجرح والتعديل ٤/ ١/١٧٦.
(٦) في أ: "شمياط".
(٧) في ت، ف، أ: "جدير".
(٨) ورواه ابن عدي في الكامل (٦/ ٣٩٤) من طريق سليم بن منصور بن عمار به وقال: "ولا يعرف هذا إلا لمنصور بهذا الإسناد". ومنصور بن عمار ضعفه العقيلي وقال أبو حاتم: ليس بالقوي.
(٩) زيادة من ت، وفي أ: "وقوله".
(١٠) في ت، ف: "والكاظمين".
(١١) في ت، ف: "والعافين".
(١٢) المسند (١/ ٢٣١)، (١/ ٢٣٣) وصحيح البخاري برقم (٤٧٣١) وتفسير الطبري (١٦/ ٧٨).