أي: الذين صدوا عن سبيل الله وكذبوا رسله، أي: انظر -يا محمد -كيف فعلنا بهم، وأغرقناهم عن آخرهم، بمرأى من موسى وقومه. وهذا أبلغ في النكال بفرعون وقومه، وأشفى لقلوب أولياء الله -موسى وقومه -من المؤمنين به (١).
﴿وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٠٤)﴾
يخبر تعالى عن مناظرة موسى لفرعون، وإلجامه إياه بالحجة، وإظهاره الآيات البينات بحضرة فرعون وقومه من قبط مصر، فقال تعالى: (وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) أي: أرسلني الذي هو خالقُ كل شيء وربه ومليكه.
﴿حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٠٥) قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٠٦)﴾.
(حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ) فقال بعضهم: معناه: حقيق بأن لا أقول على الله إلا الحق، أي: جدير بذلك وحري به.
وقالوا و"الباء" و"على" يتعاقبان، فيقال (٢) رميت بالقوس" و"على القوس"، و"جاء على حال حسنة" و "بحال حسنة".
وقال بعض المفسرين: معناه: حريص على ألا أقول على الله إلا الحق.
وقرأ آخرون من أهل المدينة: (حَقِيقٌ عَلَيّ) بمعنى: واجب وحق عَلَيّ ذلك ألا أخبر عنه إلا بما هو حق وصدق، لما أعلم من عز جلاله وعظيم سلطانه.
(قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) أي: بحجة قاطعة من الله، أعطانيها دليلا على صدقي فيما (٣) جئتكم به، (فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ) أي: أطلقهم من أسْرك وقهرك، ودعهم وعبادة ربك وربهم؛ فإنهم من سلالة نبي كريم إسرائيل، وهو: يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن [عليهم صلوات الرحمن] (٤)
(قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) أي: قال فرعون: لست بمصدقك فيما قلت، ولا بمطيعك فيما طلبت، فإن كانت معك حجة فأظهرها لنراها، إن كنت صادقًا فيما ادعيت.
﴿فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (١٠٧) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (١٠٨)﴾
قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: (ثُعْبَانٌ مُبِينٌ) الحية الذكر. وكذا قال السدي، والضحاك.
(١) في أ: "وقومه المؤمنين".
(٢) في م: "يقال"، وفي أ: "فيقول".
(٣) في د: "ما".
(٤) زيادة من أ.