للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وها هي بالباب. فأذن لها، فدخلت، فقلت: يا رسول الله، إن رأيت (١) أن تجعل بيننا وبين تميم حاجزًا، فاجعل الدهناء. فحميت العجوز واستوفزت، فقالت: يا رسول الله، فإلى أين يضطر مُضطَرُك (٢)؟ قال: قلت: إن مثلي مثل ما قال الأول: "معْزَى حَمَلت حتفها"، حملت هذه ولا أشعر أنها كانت لي خصما، أعوذ بالله وبرسوله (٣) أن أكون كوافد عاد! قال: هيه، وما وافد عاد؟ -وهو أعلم بالحديث منه، ولكن يستطعمه -قلت: إن عادا قُحطوا فبعثوا وافدًا لهم يقال له: "قيل"، فمر بمعاوية بن بكر، فأقام عنده شهرا يسقيه الخمر وتغنيه جاريتان، يقال لهما: "الجرادتان"، فلما مضى (٤) الشهر خرج إلى جبال مَهْرة، فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أجئ إلى مريض فأداويه، ولا إلى أسير فأفاديه. اللهم اسق عادًا ما كنت تسقيه، فمرت به سحابات سُودُ، فنودي: منها "اختر". فأومأ إلى سحابة منها سوداء، فنودي منها: "خذها رمادا رِمْدِدا، لا تبقي من عاد أحدا". قال: فما بلغني أنه بُعث عليهم من الريح إلا قدر (٥) ما يجري في خاتمي هذا، حتى، هلكوا -قال أبو وائل: وصدق -قال: وكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافدًا لهم قالوا: "لا تكن كوافد عاد".

هكذا رواه الإمام أحمد في المسند، ورواه الترمذي، عن عبد بن حميد، عن زيد بن الحباب، به (٦) نحوه: ورواه النسائي من حديث سلام بن أبي المنذر. عن عاصم -وهو ابن بَهْدَلة -ومن طريقه رواه ابن ماجه أيضا، عن أبي وائل، عن الحارث بن حسان البكري، به. ورواه ابن جرير عن أبي كُرَيْب عن زيد بن حُبَاب، به. ووقع عنده: "عن الحارث بن يزيد البكري" فذكره، ورواه أيضا عن أبي كريب، عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم، عن الحارث بن يزيد البكري، فذكره (٧) ولم أر في النسخة "أبا وائل"، والله أعلم.


(١) في أ: "أرأيت".
(٢) في أ: "مطهرك".
(٣) في ك، م: "ورسوله".
(٤) في د: "قضى".
(٥) في ك، م: "كقدر".
(٦) المسند (٣/ ٤٨٢)، وسنن الترمذي برقم (٣٢٧٤).
(٧) سنن النسائي الكبرى كما في تحفة الأشراف وسنن ابن ماجة برقم (٣٨١٦) وتفسير الطبري (١٢/ ٥١٣، ٥١٦).