للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أصحاب الأعراف، فوقفوا على الصراط، ثم عرفوا أهل الجنة وأهل النار، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا: سلام عليكم، وإذا صرفوا أبصارهم إلى يسارهم نظروا أصحاب النار قالوا: (رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) فتعوذوا بالله من منازلهم. قال: فأما أصحاب الحسنات، فإنهم يعطون نورًا فيمشون به بين أيديهم وبأيمانهم، ويعطى كل عبد يومئذ نورًا، وكل أمة نورًا، فإذا أتوا على الصراط سلب الله نور كل منافق ومنافقة. فلما رأى أهل الجنة ما لقي المنافقون قالوا: ﴿رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا﴾ [التحريم: ٨]. وأما أصحاب الأعراف، فإن النور كان في أيديهم فلم ينزع، فهنالك يقول الله تعالى: (لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ) فكان الطمع دخولا. قال: وقال (١) ابن مسعود: على أن العبد إذا عمل حسنة كتب له بها عشر، وإذا عمل سيئة لم تكتب إلا واحدة. ثم يقول: هلك من غلبت واحدته أعشاره.

رواه ابن جرير (٢) وقال أيضا:

حدثني ابن وَكِيع وابن حميد قالا حدثنا جرير، عن منصور، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس قال: "الأعراف": السور الذي بين الجنة والنار، وأصحاب الأعراف بذلك المكان، حتى إذا بدا الله أن يعافيهم، انْطُلِق بهم إلى نهر يقال له: "الحياة"، حافتاه قصب الذهب، مكلل باللؤلؤ، ترابه المسك، فألقوا (٣) فيه حتى تصلح ألوانهم، وتبدو في نحورهم بيضاء يعرفون بها، حتى إذا صلحت ألوانهم أتى بهم الرحمن فقال: تمنوا ما شئتم فيتمنون، حتى إذا انقطعت أمنيتهم قال لهم: لكم الذي تمنيتم ومثله سبعون ضعفا. فيدخلون الجنة وفي نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها، يسمون مساكين أهل الجنة.

وكذا رواه ابن أبي حاتم، عن أبيه، عن يحيى بن المغيرة، عن جرير، به. وقد رواه سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن مجاهد، عن عبد الله بن الحارث، من قوله (٤) وهذا أصح، والله أعلم. وهكذا روي عن مجاهد والضحاك وغير واحد.

وقال سُنَيْد بن داود: حدثني جرير، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زُرْعَة عن عمرو بن جرير قال: سئل رسول الله عن أصحاب الأعراف قال" (٥) هم آخر من يفصل بينهم من العباد، فإذا فرغ رب العالمين من فصله (٦) بين العباد قال: أنتم قوم أخرجتكم حسناتكم من النار، ولم تدخلوا (٧) الجنة، فأنتم عتقائي، فارعوا من الجنة حيث شئتم". وهذا مرسل حسن (٨)


(١) في د: "فقال".
(٢) تفسير الطبري (١٢/ ٤٥٤).
(٣) في م: "فألقي".
(٤) تفسيرالطبري (١٢/ ٤٥٥).
(٥) في م: "فقال".
(٦) في ك، م: "فصل".
(٧) في م: "يدخلوا".
(٨) ورواه الطبري (١٢/ ٤٦١) عن القاسم، عن سنيد بإسناده به.