للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله [تعالى] (١) (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا) أي: اجتمعوا فيها كلهم، (قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأولاهُمْ) أي: أخراهم دخولا -وهم الأتباع -لأولاهم -وهم المتبوعون -لأنهم أشد جرمًا من أتباعهم، فدخلوا قبلهم، فيشكوهم (٢) الأتباع إلى الله يوم القيامة؛ لأنهم هم الذين أضلوهم عن سواء السبيل، فيقولون: (رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ) أي: أضعف عليهم العقوبة، كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ [وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا] (٣)[الأحزاب: ٦٦ - ٦٨]

وقوله: (قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ) أي: قد فعلنا ذلك وجازينا كلا بحسبه، كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا [فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ] (٤)[النحل: ٨٨] وقال تعالى: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالا مَعَ أَثْقَالِهِمْ [وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ] (٥)[العنكبوت: ١٣] وقال: ﴿وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ [أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ] (٦)[النحل: ٢٥]

(وَقَالَتْ أُولاهُمْ لأخْرَاهُمْ) أي: قال المتبوعون للأتباع: (فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ) قال السدي: فقد ضللتم كما ضللنا.

(فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) وهذا الحال كما أخبر الله تعالى عنهم في حال محشرهم، في قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [سبأ: ٣١ - ٣٣]

﴿إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (٤٠) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٤١)

قوله: (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ) قيل: المراد: لا يرفع لهم منها عمل صالح ولا دعاء.


(١) زيادة من م.
(٢) في أ: "فيشكونهم".
(٣) زيادة من ك، م، أ. وفي هـ: "الآية".
(٤) زيادة من ك، م، أ. وفي هـ: "الآية".
(٥) زيادة من أ. وفي هـ: "الآية".
(٦) زيادة من ك، م، أ. وفي هـ: "الآية".