للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مجاهد: الإثم المعاصي كلها، وأخبر أن الباغي بغيه كائن على نفسه.

وحاصل ما فُسّر (١) به الإثم أنه الخطايا المتعلقة بالفاعل نفسه، والبغي هو التعدي إلى الناس، فحرم الله هذا وهذا.

وقوله: (وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنزلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) أي: تجعلوا له شريكا في عبادته، وأن تقولوا عليه (٢) من الافتراء والكذب من دعوى أن له ولدًا ونحو ذلك، مما لا علم لكم به كما قال تعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ [وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ](٣) الآية [الحج: ٣٠، ٣١].

﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤) يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٥) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٣٦)

يقول تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ) أي: قرن وجيل (أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ) أي: ميقاتهم المقدر لهم (لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً) عن ذلك (٤) (وَلا يَسْتَقْدِمُونَ)

ثم أنذر تعالى بني آدم بأنه سيبعث إليهم رسلا يقصون عليهم آياته، وبَشر وحذر فقال: (فَمَن اتَّقَى وَأَصْلَحَ) أي: ترك المحرمات وفعل الطاعات (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا) أي: كذبت بها قلوبهم، واستكبروا عن العمل بها (أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) أي: ماكثون فيها مكثًا مخلدًا.

﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (٣٧)

يقول [تعالى] (٥) (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ) أي: لا أحد أظلم ممن افترى الكذب على الله، أو كذب بآيات الله المنزلة.

(أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ) اختلف المفسرون في معناه، فقال العَوْفي عن ابن عباس: ينالهم ما كتب عليهم، وكتب لمن يفترى على الله أن وجهه مسود.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس يقول: نصيبهم من الأعمال، من عَمِل خيرًا جُزِي به،


(١) في أ: "فسرا".
(٢) في ك: "على الله".
(٣) زيادة من ك، م، أ.
(٤) في أ: "أي من ذلك".
(٥) زيادة من أ.