هو، وأنه لا ولد له ولا والد، ولا صاحبة له ولا نظير ولا عديل (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) أي: حفيظ ورقيب يدبر كل ما سواه، ويرزقهم ويكلؤهم بالليل والنهار.
وقوله تعالى: (لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ) فيه أقوال للأئمة من السلف:
أحدها: لا تدركه في الدنيا، وإن كانت تراه في الآخرة (١) كما تواترت به الأخبار عن رسول الله ﷺ من غير ما طريق ثابت في الصحاح والمسانيد والسنن، كما قال مسروق عن عائشة أنها قالت: من زعم أن محمدا أبصر ربه فقد كذب. [وفي رواية: على الله] (٢) فإن الله يقول: (لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصَارَ)
رواه ابن أبي حاتم من حديث أبي بكر بن عَيَّاش، عن عاصم بن أبي النَّجُود، عن أبي الضحى، عن مسروق. ورواه غير واحد عن مسروق، وثبت في الصحيح وغيره عن عائشة غير وجه (٣)
وقد خالفها ابن عباس، فعنه إطلاق الرؤية، وعنه أنه رآه بفؤاده مرتين. والمسألة تذكر في أول "سورة النجم" إن شاء الله [تعالى] (٤)
وقال ابن أبي حاتم: ذكر محمد بن مسلم، حدثنا أحمد بن إبراهيم الدَّوْرَقِي، حدثنا يحيى بن مَعِين قال: سمعت إسماعيل بن عُليَّة يقول في قول الله تعالى: (لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصَارَ) قال: هذا في الدنيا. قال: وذكر أبي، عن هشام بن عبيد الله أنه قال نحو ذلك.
وقال آخرون: (لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ) أي: جميعها، وهذا مخصص بما ثبت من رؤية المؤمنين له في الآخرة (٥)
وقال آخرون، من المعتزلة بمقتضى ما فهموه من الآية: إنه لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة. فخالفوا أهل السنة والجماعة في ذلك، مع ما ارتكبوه من الجهل بما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله. أما الكتاب، فقوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢، ٢٣]، وقال تعالى عن الكافرين: ﴿كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: ١٥].
قال الإمام الشافعي: فدل هذا على أن المؤمنين لا يُحْجَبُون عنه ﵎.
وأما السنة، فقد تواترت الأخبار عن أبي سعيد، وأبي هريرة، وأنس، وجرير، وصُهَيْب، وبلال، وغير واحد من الصحابة عن النبي ﷺ: أن المؤمنين يرون الله في الدار الآخرة في العرصات، وفي روضات الجنات، جعلنا الله تعالى منهم بمنه وكرمه آمين.
(١) في م: "تراه في الدار الآخرة"
(٢) زيادة من أ.
(٣) رواه البخاري في صحيحه برقم (٤٦١٢) ومسلم في صحيحيه برقم (١٧٧) والترمذي في السنن برقم (٣٠٦٨) من طريق الشعبي، عن مسروق به.
(٤) زيادة من م، أ.
(٥) في أ: "في الدار الآخرة".