حاطه من جميع جوانبه ". ثم قال رسول الله ﷺ: " أرأيتم إن لم تلبثوا إلا يسيرا حتى يمنحكم الله بلادهم وأموالهم ويفرشكم بناتهم أتسبحون الله وتقدسونه؟ " فقال له النعمان بن شريك: اللهم وإن ذلك لك يا أخا قريش! فتلا رسول الله ﷺ: (إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا)[الأحزاب: ٤٥] ثم نهض رسول الله ﷺ قابضا على يدي أبي بكر. قال علي ثم التفت إلينا رسول الله ﷺ فقال: " يا علي أية أخلاق للعرب كانت في الجاهلية - ما أشرفها - بها يتحاجزون في الحياة الدنيا " (١). قال ثم دفعنا إلى مجلس الأوس والخزرج، فما نهضنا حتى بايعوا النبي ﷺ. قال علي: وكانوا صدقاء صبراء فسر رسول الله ﷺ من معرفة أبي بكر ﵁ بأنسابهم (٢). قال فلم يلبث رسول الله ﷺ إلا يسيرا حتى خرج إلى أصحابه فقال لهم: " احمدوا لله كثيرا فقد ظفرت اليوم أبناء ربيعة بأهل فارس، قتلوا ملوكهم واستباحوا عسكرهم وبي نصروا ". قال وكانت الوقعة بقراقر (٣) إلى جنب ذي قار وفيها يقول الأعشى:
فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي … وراكبها عند اللقاء وقلت
هموا ضربوا بالحنو حنو قراقر … مقدمة الهامرز حتى تولت (٤)
فلله عينا من رأى من فوارس … كذهل بن شيبان بها حين ولت (٥)
فثاروا وثرنا والمودة بيننا … وكانت علينا غمرة فتجلت
(١) العبارة في البيهقي: بها يدفع الله ﷿ بأس بعضهم عن بعض وبها يتحاجزون فيما بينهم. (٢) رواه الحاكم وأبو نعيم في دلائل النبوة ١/ ٢٣٧ - ٢٤١. والبيهقي في الدلائل ج ٢/ ٤٢٢ - ٤٢٧ وفيه: عن العماني وعن الغلابي عن البجلي فذكره بإسناده ومعناه وروي أيضا باسناد آخر مجهول عن أبان بن تغلب. وقال القسطلاني في المواهب: أخرجه الحاكم والبيهقي وأبو نعيم بإسناد حسن. وما بين معكوفتين زيادة اقتضاها السياق استدركت من دلائل البيهقي. (٣) وقعة ذي قار كانت - لبكر على العجم - وقد بعث النبي ﷺ وخبر أصحابه بها. وذوقار ماء لبكر قريب من الكوفة وبعد هذا اليوم من مفاخر بكر. أنظر في الوقعة (العقد الفريد - الطبري ٢/ ١٤٨ - ابن الأثير ١/ ٢٨٩ - الأغاني ج ٢/ ٩٧ خزانة الأدب ج ١/ ٣٤٣ النقائض ٦٣٨ طبع أوروبا - معجم البلدان). (٤) رواية البيت في أيام العرب: فصبحهم بالحنو حنو قراقر … وذي قارها منها الجنود فقلت ورواية اللسان: وهم ضربوا بالحنو حنو قراقر … مقدمة الهامرز حتى تولت قال: وصواب إنشاده: هم ضربوا، وهذه هي رواية الديوان ورواية النقائض أيضا. بنو شيبان بطن في بكر بن وائل. هامرز: كان على مسلحة كسرى بالسواد، وكان على ألف من الأساورة. (٥) هذا البيت والذي بعده لم نجدهما في ديوانه ولا في المراجع التي بين أيدينا.