كلبك ظالم " وضحك النبي ﷺ. وبايع النبي ﷺ وأقام بمكة معه ثم طلب من رسول الله ﷺ. قطيعة برهاط - ووصفها له - فاقطعه رسول الله ﷺ بالمعلاة (١) من رهاط (٢) شأو الفرس، ورميته ثلاث مرات بحجر، وأعطاه إداوة مملوءة من ماء وتفل فيها وقال له " فرغها في أعلا القطيعة ولا تمنع الناس فضلها " ففعل فجعل الماء معينا يجري إلى اليوم فغرس عليها النخل. ويقال إن رهاط كلها تشرب منه فسماها الناس ماء الرسول ﷺ. وأهل رهاط يغتسلون بها وبلغت رمية راشد الركب الذي يقال له ركب الحجر، وغدا راشد على سواع فكسره.
وقال أبو نعيم: حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا علي بن إبراهيم الخزاعي الأهوازي حدثنا أبو محمد عبد الله بن داود بن دلهاث بن إسماعيل بن مسرع بن ياسر بن سويد صاحب رسول الله ﷺ حدثنا أبي عن أبيه دلهاث عن أبيه إسماعيل أن أباه عبد الله حدثه عن أبيه مسرع بن ياسر أن أباه ياسر حدثه عن عمرو بن مرة الجهني أنه كان يحدث قال: خرجت حاجا في جماعة من قومي في الجاهلية. فرأيت في المنام وأنا بمكة نورا ساطعا من الكعبة حتى أضاء في جبل يثرب وأشعر (٣) جهينة. فسمعت صوتا في النور وهو يقول:
انقشعت الظلماء، وسطح الضياء، وبعث خاتم الأنبياء
ثم أضاء إضاءة أخرى حتى نظرت إلى قصور الحيرة وأبيض المدائن. فسمعت صوتا في النور وهو يقول:
ظهر الاسلام وكسرت الأصنام، ووصلت الأرحام
فانتبهت فزعا، فقلت لقومي والله ليحدثن في هذا الحي من قريش حدث، وأخبرتهم بما رأيت. فلما انتهينا إلى بلادنا جاءنا رجل فأخبرنا أن رجلا يقال له أحمد قد بعث فأتيته فأخبرته بما رأيت فقال " يا عمرو بن مرة إني (٤) المرسل إلى العباد كافة أدعوهم إلى الاسلام، وآمرهم بحقن الدماء وصلة الأرحام، وعبادة الله [وحده] ورفض الأصنام، وحج البيت. وصيام شهر من اثني عشر شهرا وهو شهر رمضان، فمن أجاب فله الجنة. ومن عصى فله النار، فآمن يا عمرو بن مرة يؤمنك من نار (٥) جهنم " فقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. آمنت بكل ما جئت
(١) المصلاة: موضع بين مكة وبدر بينه وبين بدر الأثيل. (٢) في نسخ البداية المطبوعة وهاط وهو تحريف، والصواب رهاط: قال ابن الكلبي اتخذت هذيل سواعا ربا برهاط من أرض ينبع، وينبع عرض من أعراض المدينة. وقال عرام رهاط: قرية بقرب مكة على طريق المدينة ياقوت ٣/ ١٠٧. (٣) أشعر جهينة: في مجمع الزوائد: أسعر. وهو جبل جهينة بين المدينة والشام ينحدر على ينبع. ياقوت ١/ ١٩٨. (٤) عند الروياني وابن عساكر ومجمع الزوائد: أنا النبي المرسل. (٥) في المصادر السابقة: هول.