فخر " وروى الحاكم والبيهقي أيضا (١) من حديث موسى بن عبيدة [قال] حدثنا عمرو بن عبد الله بن نوفل عن الزهري عن أبي أسامة أو أبي سلمة عن عائشة ﵂ قالت قال رسول الله ﷺ: " قال لي جبريل [﵇] قلبت الأرض من مشارقها ومغاربها فلم أجد رجلا أفضل من محمد، وقلبت الأرض مشارقها ومغاربها فلم أجد بني أب أفضل من بني هاشم " قال الحافظ البيهقي وهذه الأحاديث وإن كان في رواتها من لا يحتج به فبعضها يؤكد بعضا ومعنى جميعها يرجع إلى حديث واثلة بن الأسقع [وأبي هريرة] والله أعلم.
قلت وفي هذا المعنى يقول أبو طالب يمتدح النبي ﷺ:
إذا اجتمعت يوما قريش لمفخر … فعبد مناف سرها وصميمها
فان حصلت أشراف عبد منافها … ففي هاشم أشرافها وقديمها
وإن فخرت يوما فإن محمدا … هو المصطفى من سرها وكريمها
تداعت قريش غثها وسمينها … علينا فلم تظفر وطاشت حلومها (٢)
وكنا قديما لا نقر ظلامة … إذا ما ثنوا صعر الخدود نقيمها (٣)
ونحمي جماها كل يوم كريهة … ونضرب عن أحجارها من يرومها
بنا انتعش العود الذواء وإنما … بأكنافنا تندى وتنمى أرومها (٤)
وقال أبو السكن زكريا بن يحيى الطائي في الجزء المنسوب إليه المشهور: حدثني عمر بن أبي زحر بن حصين، عن جده حميد بن منهب، قال: قال جدي خريم بن أوس: هاجرت إلى رسول الله ﷺ فقدمت عليه منصرفه من تبوك، فأسلمت، فسمعت العباس بن عبد المطلب يقول: يا رسول الله إني أريد أن أمتدحك، فقال رسول الله ﷺ قل، لا يفضض الله فاك، فأنشأ يقول:
من قبلها طبت في الظلال وفي … مستودع حيث يخضف الورق
ثم هبطت البلاد لا بشر أنت … ولا مضغة ولا علق
بل نطفة تركب السفين وقد … ألجم نسرا وأهله الغرق
تنقل من صلب إلى رحم … إذا مضى عالم بدا طبق
(١) دلائل النبوة ج ١/ ١٧٦ وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٨/ ٢١٧ وعزاه للطبراني في الأوسط.
(٢) الغث: اللحم الضعيف، هنا استعارة لضعيف النسب.
(٣) قال الله تعالى: ولا تصعر خدك للناس أي لا تميله إمالة المتكبر والمتعجرف.
(٤) الأروم: الأصول، جمع أرومة.