ستون ألفا لم يؤوبوا أرضهم … بل لم يعش بعد الإياب سقيمها (١)
كانت بها عاد وجرهم قبلهم … والله من فوق العباد يقيمها
ومن ذلك قول أبي قيس بن الأسلت الأنصاري المدني:
ومن صنعه يوم فيل الحبو … ش إذ كلما بعثوه رزم
محاجنهم تحت أقرابه … وقد شرموا أنفه فانخرم (٢)
وقد جعلوا سوطه مغولا … إذا يمموه قفاه كلم
فولى وأدبر أدراجه … وقد باء بالظلم من كان ثم
فأرسل من فوقهم حاصبا … فلفهم مثل لف القزم (٣)
تحض على الصبر أحبارهم … وقد ثأجوا كثؤاج الغنم (٤)
ومن ذلك قول أبي الصلت ربيعة بن أبي ربيعة وهب بن علاج الثقفي قال ابن هشام ويروى لامية بن أبي الصلت:
إن آيات ربنا ثاقبات … مما يماري فيهن إلا الكفور (٥)
خلق الليل والنهار فكل … مستبين حسابه مقدور
ثم يجلو النهار رب رحيم … بمهاة شعاعها منثور
حبس الفيل بالمغمس حتى … صار يحبو كأنه معقور
لازما حلقة الجران كما قد … من صخر كبكب محدور (٦)
حوله من ملوك كندة أبطال … ملاويث في الحروب صقور (٧)
خلفوه ثم ابذعروا جميعا … كلهم عظم ساقه مكسور
كل دين يوم القيامة عند الله … إلا دين الحنيفة بور
ومن ذلك قول أبي قيس بن الأسلت أيضا:
فقوموا فصلوا ربكم وتمسحوا … بأركان هذا البيت بين الأخاشب (٨)
(١) في ابن هشام حذفت بل، ونبه السهيلي على أن بل زيادة زادها بعضهم ممن ظن خطأ أن البيت مكسور.
(٢) في الأزرقي: وقد كلموا أنفه بالخزم.
(٣) في الأزرقي: يلفهم.
(٤) في الأزرقي: يحث على الطير أجنادهم.
(٥) في الأزرقي: إن آيات ربنا بينات.
(٦) في ابن هشام كما قطر بدل كما قد. وكبكب: اسم جبل.
(٧) ملاويث جمع ملاث وهو الشديد والشريف.
(٨) الأخاشب: جبال مكة وجبال منى.