ما نال أهل الجاهلية كلهم … شعري ولا سمعت بسحري بابل
وإذا أتتك مذمتي من ناقص … فهي الشهادة لي بأني كامل (١)
من لي بفهم أهيل عصر يدعي … أن يحسب الهندي منهم بأقل
ومن ذلك قوله:
ومن نكد الدينا على الحر أن يرى … عدوا له ما من صداقته بد (٢)
وله:
وإذا كانت النفوس كبارا … تعبت في مرادها الأجسام
وله:
ومن صحب الدنيا طويلا تقلبت … على عينيه يرى صدقها كدبا
وله: خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به … في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل
وله في مدح بعض الملوك:
تمضي الكواكب والابصار شاخصة … منها إلى الملك الميمون طائره
قد حزن في بشر في تاجه قمر … في درعه أسد تدمى أظافره
حلو خلائقه شوس حقائقه … يحصى الحصى قبل أن تحصى ماثره
ومنها قوله:
يا من ألوذ به فيما أؤمله … ومن أعوذ به مما أحاذره
لا يجبر الناس عظما أنت كاسره … ولا يهيضون عظما أنت جابره
وقد بلغني عن شيخنا العلامة شيخ الاسلام أحمد بن تيمية ﵀ أنه كان يكر على المتنبي هذه المبالغة في مخلوق ويقول: إنما يصلح هذا لجناب الله ﷾. وأخبرني العلامة شمس الدين بن القيم ﵀ أنه سمع الشيخ تقي الدين المذكور يقول: ربما قلت هذين البيتين في السجود أدعو لله بما تضمناه من الذل والخضوع. ومما أورده ابن عساكر للمتنبي في ترجمته قوله:
أبعين مفتقر إليك رأيتني (٣) … فأهنتني وقذفتني من حالقي
(١) في النجوم الزاهرة ٣/ ٣٤١: فاضل.
(٢) يرى سيبويه ان هذا المعنى لا يستقيم من حيث المنطق، فالصداقة والعداوة ضدان لا يجتمعان فكان يرى أن المعنى لا يصح إلا إذا جاءت صياغته:
عدوا له ما من مداجاته بد
(٣) في الوافي ٦/ ٣٣٧ ووفيات الأعيان ١/ ١٢١: نظرتني.