وجل به ذكرا يدرس، وخلف به أمرا لا يخفى ولا يدرس. قال ابن عساكر: وأنشدني بعض المحدثين في جامع دمشق عمره الله بذكره وفي دمشق فقال: (١)
دمشق قد شاع حسن جامعها … وما حوته ربى مرابعها
بديعة الحسن في الكمال لما … يدركه الطرف من بدائعها
طيبة أرضها مباركة … باليمن والسعد أخذ طالعها
جامعها جامع المحاسن قد … فاقت به المدن في جوامعها
بنية بالاتقان قد وضعت … لا ضيع الله سعي واضعها
تذكر في فضله ورفعته … آثار صدق راقت لسامعها
قد كان قبل الحريق مدهشة … فغيرت ناره بلاقعها
فأذهبت بالحريق بهجته … فليس يرجى إياب راجعها
إذا تفكرت في الفصوص وما … فيها تيقنت حذق راصعها
أشجارها لا تزال مثمرة … لا ترهب الريح من مدافعها
كأنها من زمرد غرست … في أرض تبر تغشى بنافعها
فيها ثمار تخالها ينعت … وليس يخشى فساد يانعها
تقطف باللحظ لا بجارحة ال … أيدي ولا تجتني لبايعها
وتحتها من رخامة قطع … لا قطع الله كف قاطعها
احكم ترخيمها المرخم قد … بان عليها إحكام صانعها
وإن تفكرت في قناطره … وسقفه بان حذق رافعها
وإن تبينت حسن قبته … تحير اللب في أضالعها (٢)
تخترق الريح في منافذها … عصفا فتقوى على زغازعها
وأرضه بالرخام قد فرشت … ينفسح الطرف في مواضعها
مجالس العلم فيه مؤنقة … ينشرح الصدر في مجامعها
وكل باب عليه مطهرة … قد أمن الناس دفع مانعها
يرتفق الناس من مرافقها … ولا يصدون عن منافعها
ولا تزال المياه جارية … فيها لما شق من مشارعها
وسوقها لا تزال آهلة … يزدحم الناس في شوارعها
لما يشاؤون من فواكهها … وما يريدون من بضائعها
(١) وهو الصاحب صفي الدين. كما في منتخبات تواريخ دمشق ٣/ ١٠٢٧.
(٢) في منتخبات تواريخ دمشق: أصانعها.