فأتاك فل المشركين كأنهم … والخيل تثفنهم نعام شرد (١)
شتان من هو في جهنم ثاويا … أبدا ومن هو في الجنان مخلد
وقال ابن إسحاق: وقال عبد الله بن رواحة يبكي حمزة وأصحابه يوم أحد. قال ابن
هشام: وأنشدنيها أبو زيد لكعب بن مالك فالله أعلم:
بكت عيني وحق لها بكاها … وما يغني البكاء ولا العويل
على أسد الاله غداة قالوا … أحمزة ذاكم الرجل القتيل
أصيب المسلمون به جميعا … هناك وقد أصيب به الرسول
أبا يعلى لك الأركان هدت … وأنت الماجد البر الوصول (٢)
عليك سلام ربك في جنان … مخالطها نعيم لا يزول
الا يا هاشم الأخيار صبرا … فكل فعالكم حسن جميل
رسول الله مصطبر كريم … بأمر الله ينطق إذ يقول
ألا من مبلغ عني لؤيا … فبعد اليوم دائلة تدول
وقبل اليوم ما عرفوا وذاقوا … وقائعنا بها يشفى الغليل
نسيتم ضربنا بقليب بدر … غداة أتاكم الموت العجيل
غداة ثوى أبو جهل صريعا … عليه الطير حائمة تجول
وعتبة وابنه خرا جميعا … وشيبة عضه السيف الصقيل
ومتركنا أمية مجلعبا … وفي حيزومه لدن نبيل (٣)
وهام بني ربيعة سائلوها … ففي أسيافنا منها فلول
ألا يا هند فابكي لا تملي … فأنت الواله العبري الهبول
ألا يا هند لا تبدي شماتا … بحمزة إن عزكم ذليل
قال ابن إسحاق: وقالت صفية بنت عبد المطلب تبكي أخاها حمزة بن عبد المطلب وهي أم الزبير عمة النبي ﷺ ورضي الله عنهم أجمعين:
أسائلة أصحاب أحد مخافة … بنات أبي من أعجم وخبير
فقال الخبير إن حمزة قد ثوى … وزير رسول الله خير وزير
دعاه إله الحق ذو العرش دعوة … إلى جنة يحيا بها وسرور
فذلك ما كنا نرجي ونرتجي … لحمزة يوم الحشر خير مصير
(١) تثفنهم: تطردهم.
(٢) أبو يعلى: كنية حمزة بن عبد المطلب ﵁.
(٣) مجلعب: الممتد مع الأرض. الحيزوم: أسفل الصدر. اللدن: الرمح اللين.