وقال حسان أيضا:
يا حار قد عولت غير معول … عند الهياج وساعة الأحساب
إذ تمتطي سرح اليدين نجيبة … مرطى الجراء طويلة الأقراب (١)
والقوم خلفك قد تركت قتالهم … ترجو النجاء وليس حين ذهاب
ألا عطفت على ابن أمك إذ ثوى … قعص الأسنة ضائع الأسلاب (٢)
عجل المليك له فأهلك جمعه … بشنار مخزية وسوء عذاب
وقال حسان أيضا:
لقد علمت قريش يوم بدر … غداة الأسر والقتل الشديد
بأنا حين تشتجر العوالي … حماة الحرب يوم أبي الوليد
قتلنا ابني ربيعة يوم سارا … إلينا في مضاعفة الحديد
وفر بها حكيم يوم جالت … بنو النجار تخطر كالأسود
وولت عند ذاك جموع فهر … وأسلمها الحويرث من بعيد
لقد لاقيتموا ذلا وقتلا … جهيزا نافذا تحت الوريد
وكل القوم قد ولوا جميعا … ولم يلووا على الحسب التليد
وقالت هند بنت أثاثة بن عباد بن المطلب ترثي عبيدة بن الحارث بن المطلب:
لقد ضمن الصفراء مجدا وسؤددا … وحلما أصيلا وافر اللب والعقل (٣)
عبيدة فابكيه لأضياف غربة … وأرملة تهوي لأشعث كالجذل
وبكيه للأقوام في كل شتوة … إذا احمر آفاق السماء من المحل
وبكيه للأيتام والريح زفزف … وتشبيب قدر طالما أزبدت تغلي
فإن تصبح النيران قد مات ضوؤها … فقد كان يذكيهن بالحطب الجزل
لطارق ليل أو لملتمس القرى … ومستنبح أضحى لديه على رسل (٤)
وقال الأموي في مغازيه حدثني سعيد بن قطن قال قالت عاتكة بنت عبد المطلب في رؤياها
التي رأت وتذكر بدرا:
(١) سرح اليدين: يريد بها الفرس.
(٢) القعص: القتل بسرعة.
(٣) الصفراء: موضع بين مكة والمدينة.
(٤) مستنبح: الرجل الذي يضل بالليل، فيتكلف نباح الكلب فيهتدي بصياحه.