للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هذا القبيل أيضا شركات المساهمة فقد منعها بعضهم وقال بتحريمها لأنها مناقضة لعقد الوكالة أو لأنه ليست عقدا أصلًا بين شخصين أو أكثر أو لأنها لا يوجد فيها الجهد البدني من المشتركين، ولكن بعض العلماء المحدثين أباحوها نتيجة التطور التجاري ولأنها تقوم في الواقع على التراضي وهو الأصل في العقود ومن جهة أخرى فقد توفرت شروط الشركات الإسلامية فيها ولقيامها على الربح وعلى الخسارة.

ولقد حدثت أعراف كثيرة نتيجة اختلاف وسائل الحياة ووجود المصانع الكبرى واكتشاف الآلات الحديثة وما وجد من وسائل الإعلام من مجلات وجرائد وإذاعة وتلفزة وربط العالم بما نشأ من أقمار صناعية وتنوع وسائل المعيشة من اختراع آلات كهربائية واتساع المدن واجتماع السكان في عمارات كبيرة وتشابك المصالح كل هذا أنشأ تقاليد جديدة في الحياة وأعرافًا وعادات اقتضتها المصالح المرسلة من ذلك مثلًا إنشاء مؤسسات اجتماعية لحضانة أطفال الأمهات اللواتي يعملن في المصانع والإدارات وإنشاء دور الرضيع ودور الأيتام والعجزة والمتخلفين ذهنيًّا والمعاقين، وقد أصبحت الحاجة ماسة إلى ذلك لتفرق العائلات واستقلال الزوجين عن السكنى مع الحماوين، وقد أصبحت الحاجة ماسة إلى العمل بها بحيث لا يمكن الانفكاك عنها ولو فتح الباب على مصراعيه لغلب على الناس استباحة ما لم يأذن الله ولعم الفساد كل البلاد.

ومن الأمثلة على استعمال المصالح المرسلة المبنية على العرف والتي عمل بها الفقهاء وذلك للحاجة الماسة الاستماع إلى شهادة التسامح في إثبات النسب والوفاة والدخول بالزوجات والوقف والولايات وغيرها، فكل هذا اكتفي فيه بشهادة السماع مع أن الأصل في الشهادة المعاينة بالذات للمشهود له أو عليه لا بالسماع، ومن هذا أيضا قبول شهادة النساء فيما لا يطلع عليه الرجال كالجرائم التي تقع بالحمامات وكشهادة القابلة على الولادة وتعيين الولد على النزاع (١)

القوانين العرفية ومدى ما يمكن الأخذ بها في أحكام القضاء:

إن العرف يجري في المعاملات والعبادات وفي مسائل ليست متمحضة للعبادات ولا للمعاملات وغالبه في النوع الأول ومما مثل به للعبادات قراءة الأحزاب جماعة والذكر في المساجد والقراءة على القبور والأضرحة وإعادة الصلاة جماعة في مسجد له إمام راتب وتثبث الأذان لصلاة الجمعة وتعيين ليلة القدر في السابع والعشرين من شهر رمضان ورفع اليدين في الدعاء، والمسح على الوجه بالكفين بعد الدعاء، ومن النوع الثالث مما لم تتمحض مسائله لا للعبادات ولا للمعاملات، زخرفة المساجد والأضرحة.


(١) رد المحتار على الدر المختار: ٤ / ٣٧٥

<<  <  ج: ص:  >  >>