ورد لفظ الأمر في كتاب الله في مواضع كثيرة؛ وكان له أكثر من معنى حسب السياق الذي ورد فيه، ومن تلك الآيات قوله - تعالى -: {ألا له الخلق والأمر}[الأعراف - ٥٤] ، والأمر في الآية الكلام، وهو صفة من صفاته - سبحانه -، قال الإمام أحمد:"فأخبر - تبارك وتعالى - بالخلق، ثم قال والأمر، فأخبر أن الأمر غير الخلق"١.
وعن سفيان بن عيينة قال:"قد بين الله الخلق من الأمر بقوله: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}[الأعراف - ٥٤] فالخلق بأمره، كقوله:{لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ}[الروم - ٤] وكقوله: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[يس - ٨٢] "٢، وفي رواية عنه:"فقال: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}[الأعراف - ٥٤] فالخلق هو المخلوقات والأمر هو الكلام"٢.
قال الحافظ في الفتح:"وسبق ابن عيينة إلى ذلك محمد بن كعب القرظي، وتبعه الإمام أحمد بن حنبل، وعبد السلام بن عاصم وطائفة، أخرج كل ذلك ابن أبي حاتم عنهم"٣.
كما استدل الإمام البخاري - رحمه الله - بهذه الآية على أن القرآن كلام الله غير مخلوق ومثله الإمام ابن خزيمة - رحمه الله - ٥.
ويقول شيخ الإسلام وهو يبين أنواع المضاف إلى الله:"وأما ما كان صفة لا تقوم بنفسها، ولم يذكر لها محل غير الله، كان صفة له؛ فكالقول والعلم والأمر إذا أريد به المصدر كان المصدر من هذا الباب كقوله - تعالى -: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}[الأعراف - ٥٤] ، وإن أريد به المخلوق المكون بالأمر كان من الأول كقوله - تعالى -: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ}[النحل - ١] "٤.
١ - السنة لعبد الله بن الإمام أحمد ١/١٣٩ وانظر السنة للخلال ٥/١٣٨. ٢ - خلق أفعال العباد ص ٣٨، وانظر: السنة لعبد الله بن أحمد ١/١٦٩، الشريعة للآجري ص ٨٠. ٢ - فتح لباري ١٣/٥٤٢. ٣ المرجع السابق ١٣/٥٤٢. ٥ - انظر: خلق أفعال العباد ص٣٧ - ٣٨، التوحيد لابن خزيمة ١/٣٩١، الإبانة للأشعري ص٣١، رسالة إلى أهل الثغر للأشعري ص ٢٢١ - ٢٢٣، مجموع الفتاوى ٦/١٧. ٤ - شرح العقيدة الأصفهاني ص ٦٦.