وعن ثوبان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اسْتَقِيمُوا، وَلَنْ تُحْصُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةَ، وَلَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ»(١).
وللاستقامة أصل، وأول، وطرق: فأصل الاستقامة في ثلاثة: إتباع الكتاب والسنة، ولزوم الجماعة (٢)، وأول الاستقامة: صحبة العلماء بالله عز وجل (٣)، وأساس طرق الاستقامة: الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية (٤). يقول الإمام ابن القيم في بيان الطريق الموصل إلى الاستقامة في الأحوال والأقوال:" وهي شيئان:
أحدهما: حراسة الخواطر وحفظها، والحذر من إهمالها، والاسترسال معها ... والثاني: ألاّ يجعل مجرد حفظها هو المقصود، بل لا يتم ذلك إلا بأن يجعل موضعها خواطر الإيمان، والمحبة، والإنابة، والتوكل، والخشية، فيفرغ قلبه من تلك الخواطر، ويعمره بأضدادها" (٥).
إذن: فيكف لا تطمئن النفوس وترتاح، حين تعلم بهذا التثبيت لحال المستقيمين على شرع الله جل وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠)} [فصلت:٣٠]، ولذا كان الحسن إذا تلا هذه الآية يقول:"اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة "(٦).
(١) أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب الطهارة وسننها، باب المحافظة على الوضوء ح (٢٧٧). (٢) المحاسبي: رسالة المسترشدين، مكتب المطبوعات الإسلامية - بيروت، ط ٢ - ١٣٩١ هـ، ص (١٢٨). (٣) أبو طالب المكي: قوت القلوب، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ٢ - ١٤٢٦ هـ (٢/ ١٣٩). (٤) زكريا الأنصاري: المنفرجتان، دار الفضيلة - القاهرة، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، ص (٥٠). (٥) ابن القيم: طريق الهجرتين، دار السلفية - القاهرة، ط ٢ - ١٣٩٤ هـ، ص (١٧٦). (٦) عبد الرزاق: تفسير عبد الرزاق، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤١٩ هـ (٣/ ١٥٧).