والرجاء والخوف مستلزمان، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:" وكل من الرجاء والخوف مستلزم للآخر "(١). وبيّنه بقوله:" والخشية أبداً متضمنة للرجاء، ولولا ذلك لكانت قنوطاً، كما أن الرجاء يستلزم الخوف، ولولا ذلك لكان أمناً، فأهل الخوف من الله والرجاء له، هم أهل العلم الذين مدحهم الله "(٢).
ولذا ينبغي للعبد، أن يكون بين الرجاء والخوف، بمطالعة صفات الجمال تارة، وبملاحظة نعوت الجلال أخرى (٣)، قال أبو علي الروذباري:" الخوف والرجاء كجناحي الطائر، إذا استويا استوى الطير وتم طيرانه، وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص، وإذا ذهبا صار الطائر في حد الموت "(٤).
واختلفت أنظار العلماء بعد ذلك في مسألتين:
١ - في التفضيل بين جانبي الرجاء والخوف.
٢ - في تقديم أي المقامين منهما.
أما فيما يتعلق في التفضيل بين هذين المقامين:
أولاً: الاتفاق حاصل على علوهما وشرفهما، وعليه يفهم أن كلام صاحب المنازل حين قال:"الرجاء أضعف منازل المريد"، أن فيه نظر (٥).
ثانياً: اختلفت وجهات العلماء في ترجيح أي الجانبين أقوى وأفضل؟
فقال بعضهم: جانب الرجاء أقوى، وذهب إليه جماعة من العلماء، منهم الإمام النووي، والرازي، وجماعة. قال الإمام النووي:" قد تتبعت الأحاديث الصحيحة في الخوف والرجاء، فوجدت أحاديث الرجاء أضعاف أحاديث الخوف، مع ظهور الرجاء فيها "(٦).
(١) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف - المدينة النبوية (٤/ ٣٣) (٢) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف - المدينة النبوية (٧/ ٢١) (٣) القاري: مرقاة المفاتيح، دار الفكر - بيروت، ط ١ ١٤٢٢ هـ (٤/ ١٦٤٠) (٤) ابن أبي العز: شرح الطحاوية، وزارة الأوقاف السعودية، ط ١ ١٤١٨ هـ، ص (٣١٢) (٥) ابن أبي العز: شرح الطحاوية، وزارة الأوقاف السعودية، ط ١ ١٤١٨ هـ، ص (٣١٢) (٦) النووي: المجموع شرح المهذب، دار إحياء التراث - بيروت، ط ١ (٥/ ١٠٩)