ثم ذكر العلماء أن الضابط في السمعيات:" أن العقل لا يمنعها ولا يحيلها ولا يقدر على ذلك، ولا يقدر أن يوجبها، ولا يحار في ذلك "(١).
فالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - إنما يُخبرون بما تحار فيه العقول، لا بما تُحيله، يقول الإمام ابن تيمية:" يجب الفرق بين ما يقصر العقل عن دركه وما يعلم العقل استحالته. بين ما لا يعلم العقل ثبوته، وبين ما يعلم العقل انتفاءه، بين محارات العقول، ومحالات العقول. فإن الرسل - صلوات الله عليهم وسلامه - قد يخبرون بمحارات العقول، وهو ما تعجز العقول عن معرفته، ولا يخبرون بمحالات العقول، وهو ما يعلم العقل استحالته "(٢).
وقال في موضع آخر:" يجب الفرق بين ما يعلم العقل بطلانه وامتناعه وبين ما يعجز العقل عن تصوره ومعرفته. فالأول: من محالات العقول والثاني: من محارات العقول، والرسل يخبرون بالثاني "(٣).
وعليه يُعرف أن:" السمعيات: كل ما ثبت بالسمع، أي: بطريق الشرع ولم يكن للعقل فيها مدخل "(٤)، وتسمى بالغيبيات؛ " لأنها أمور غائبة عنا ولا أثر لها في حياتنا يدل عليها دلالة قطعية "(٥).
٢ - العقل الصريح لا يعارض النقل الصحيح:
(١) محمد يسري: مبادئ ومقدمات علم التوحيد:، ص (١٣٧). (٢) ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية: (٢/ ٣٦١)، (٨/ ٥٣٣). (٣) ابن تيمية: الجواب الصحيح: (٤/ ٣٩١)، درء تعارض العقل والنقل،: (٥/ ٢٩٦)، (٧/ ٣٢٧). (٤) ابن عثيمين: تعليق مختصر على لمعة الاعتقاد: ص (١٠١). (٥) مؤيد حسن: مباحث النبوات والسمعيات، بحث علمي مقدم لكلية أصول الدين، الجامعة الإسلامية بغداد، ١٤٣١ هـ، (١٧١).