واحتجوا بقوله عليه الصلاة والسلام: «إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ «(١).
وتعقب: بأنه مجاز عن حقارة قدره، ولا يلزم منه عدم الوزن (٢).
القول الثاني: أن أعمال الكفار توزن، واحتجوا بقوله جل وعلا: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (٩)} [الأعراف:٩]
وفُسر الظلم في الآية: بالجحود والكفر، قال الإمام البيهقي:" في الآية التي كتبناها دلالة على أن أعمال الكفار توزن، لأنه قال في آية أخرى {بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (٩)}، والظلم بآيات الله: الاستهزاء بها وترك الإذعان لها"(٣).
وقال الإمام ابن حزم:" فنقطع على الموازين أن توضع يوم القيامة لوزن أعمال العباد، قال تعالى عن الكفار: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (١٠٥)} [الكهف:١٠٥] وليس هذا على أن لا توزن أعمالهم، بل توزن لكن أعماله شائلة وموازينهم خفاف"(٤).
(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب (أولئك الذين كفروا بآيات ربهم) ح (٤٧٢٩)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صفات المنافقين ح (٢٧٨٥). (٢) ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ (١٣/ ٥٣٨). (٣) البيهقي: شعب الإيمان، مكتبة الرشد - الرياض، ط ١ ١٤٢٣ هـ (١/ ٤٣٨) (٤) ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل (٤/ ٥٤)