٢ - وأما قولهم: إنها أخبار آحاد، فليس بصحيح من جهة أنها أخبار قد ظهرت واشتهرت في الصحاح، وتلقتها الأمة بالقبول، وعمل بها الناس ومثل هذا إذا وجد في الأحاديث وجب العلم.
٣ - وأما قولهم: إن الميت امتحن ووضع على صدره شيئاً من الدفن، ثم كشف بعد أيام، ولا يزال الدفن في الموضع الذي ترك فيه، فيقال:
أولاً: هذا ليس بصحيح من جهة أن القادر على إقامته، وإعادة الروح إليه في قبره، قادر على أن يعيده ويعيد ما على صدره على ما كان عليه.
ثانياً: أنا لا نقبل القياس المعقول إذا عارض الأخبار الصحيحة المشهورة (١).
فالذي عليه أئمة السلف إثبات فتنة القبر وسؤال الملكين، على ما ثبت في النصوص، قال الإمام ابن تيمية:"وقد ثبت أن القبور يُسال ويمتحن، وأنه يؤمر بالدعاء له "(٢)، وقال:"وقد تواترت الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -في هذه الفتنة من حديث البراء بن عازب، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، وغيرهم رضي الله عنهم "(٣).
ولذا صار إنكار فتنة القبر وسؤال الملكين من شعار أهل البدع، قال الإمام ابن عبد البر:" وأما قوله: أوحي إليّ أنكم تفتنون في قبوركم، فإنه أراد فتنة الملكين، منكر ونكير، حين يسألان العبد: من ربك، وما دينك، ومن نبيك؟
والآثار في هذا متواترة، وأهل السنة والجماعة كلهم على الإيمان بذلك، ولا ينكره إلا أهل البدع " (٤).
وقال الشيخ عبد الواحد الشيرازي في جزئه في "امتحان السني من البدعي: "يُسأل عن منكر ونكير، وضغطة القبر، فإن آمن به فهو سني , وإن أنكره فهو معتزلي، حشيشي، كافر بالله " (٥).
(١) انظر: محمد علي الطبري: الإيضاح في أصول: ص (٣٧٦)، الإيجي: المواقف: (٣/ ٥٢١)،ابن البناء: الرد على المبتدعة: (١٨٨) (٢) ابن تيمية: الفتاوى الكبرى، دار الكتب العلمية -بيروت، ط ١ ١٤٠٨ هـ (٣/ ٢٤). (٣) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف - المدينة النبوية. (٤) ابن عبد البر: التمهيد، وزارة عموم الأوقاف - المغرب، ١٣٨٧ هـ، (٢٢/ ٢٤٧). (٥) الشيرازي: جزء في امتحان السني من البدعي:، ص (٢٧٥)