- العسل في الجنة أنهار، وفي الدنيا يخرج من بطون النحل.
- واللبن في الجنة أنهار، وفي الدنيا يخرج من ضروع البهائم.
- والنساء لا يمتخطون، ولا يتغوطون، ولا يتبولون، بخلاف نساء الدنيا " (١).
- إذن: " فإن الله - سبحانه وتعالى - أخبرنا عما في الجنة من المخلوقات: من أصناف المطاعم، والملابس، والمناكح، والمساكن؛ فأخبرنا أن فيها لبنا، وعسلا، وخمرا، وماء، ولحما، وحريرا، وذهبا، وفضة، وفاكهة وحورا، وقصورا، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء " (٢).
فهذه الأمور كلها حق، وهي موافقة في الاسم لما في الدنيا من حيث المعنى لا في الحقيقة، " أما موافقته لما في الدنيا في المعنى فلأن الله تعالى قال عن القرآن: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣)} [الزخرف:٣]،ولولا موافقته له في المعنى؛ ما فهمناه ولا عقلناه.
وأما مخالفته له في الحقيقة فلقوله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)} [السجدة:١٧]، وقوله في الحديث القدسي: ... {أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ} قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: " ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء "(٣).
فالاتفاق يكون في الأسماء والمعنى العام المشترك، أما الحقائق فهي مختلفة.
فإن قيل: ما الداعي لإثبات قدر مشترك بين نعيم الدنيا ونعيم الآخرة؟
فالجواب: لو لم نثبت القدر المشترك، وهو الاتفاق في الاسم، وفي المعنى الكلي العام، لما فهم الخطاب (٤).
(١) أحمد عبد اللطيف: شرح الرسالة التدمرية، مكتبة الشنقيطي - جده، ط ١ - ١٤٣٣ هـ، ص (١٩٢). (٢) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: (٣/ ٢٨). (٣) العثيمين: تقريب التدمرية، دار ابن الجوزي - الدمام، ط ١ - ١٤١٩ هـ، ص (٤٢). (٤) الخميس: شرح الرسالة التدمرية، دار أطلس الخضراء، ١٤٢٥ هـ، ص (١٨١).