وذكر أن هذه الآية نزلت في رجلين من المنافقين، قالا ما:-
١٧٠٩٠- حدثنا به محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:(سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا) ، إلى:(بما كانوا يكسبون) ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له: ألا تغزو بني الأصفر، (١) لعلك أن تصيب بنت عظيم الرُّوم، فإنهنّ حِسان! (٢) فقال رجلان: قد علمت، يا رسول الله، أن النساء فتنة، فلا تفتنَّا بهنَّ! فأذن لنا! فأذن لهما. فلما انطلقا، قال أحدهما: إن هو إلا شَحْمةٌ لأوّل آكلٍ! (٣) فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينزل عليه في ذلك شيء، فلما كان ببعض الطريق، نزل عليه وهو على بعض المياه:(لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ)[سورة التوبة: ٤٢] ، ونزل عليه:(عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ)[سورة التوبة: ٤٣] ، ونزل عليه:(لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)[سورة التوبة: ٤٤] ، ونزل عليه:(إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون) . فسمع ذلك رجل ممن غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأتاهم وهم خلفهم، فقال: تعلمون أنْ قَد نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدَكم قرآن؟ قالوا: ما الذي سمعت؟ قال: ما أدري، غير أني سمعت أنه يقول:"إنهم رجس"! فقال رجل يدعى "مخشيًّا"، (٤) والله لوددت أني أجلد مئة جلدة، وأني لست معكم!
(١) "بنو الأصفر"، هم الروم. (٢) في المطبوعة والمخطوطة " فإنهم حسان " والصواب ما أثبت. (٣) " الشحمة "، عنى بها قطعة من " شحم سنام البعير "، وشحمة السنام من أطايب البعير، يسرع إليها الآكل، قال زفر بن الحارث الكلابي: وكُنَّا حَسِبْنا كُلَّ بَيْضَاءَ شَحْمَةً ... لَيالِيَ قارَعْنا جُذَامَ وحمِيرَا فَلَمَّا قَرَعْنا النَّبْعَ بالنَّبْعِ، بَعضَهُ ... بِبَعضٍ، أَبَتْ عِيدانُهُ أَنْ تكَسَّرا وفي المثل: "ما كل بيضاء شحمة، ولا كل سوداء تمرة". (٤) في المخطوطة: " مخشي "، والصواب ما في المطبوعة وهو " مخشي بن حمير الأشجعي "، انظر ترجمته في الإصابة.