وقال آخرون: إنما سمي دين إبراهيم"الحنيفية"، لأنه أول إمام سن للعباد الختان، فاتبعه من بعده عليه. قالوا: فكل من اختثن على سبيل اختتان إبراهيم، فهو على ما كان عليه إبراهيم من الإسلام، فهو"حنيف" على ملة إبراهيم. (١)
وقال آخرون:"بل ملة إبراهيم حنيفا"، بل ملة إبراهيم مخلصا."فالحنيف" على قولهم: المخلص دينه لله وحده.
ذكر من قال ذلك:
٢١٠٠- حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط، عن السدي:"واتبع ملة إبراهيم حنيفا"، يقول: مخلصا.
* * *
وقال آخرون: بل"الحنيفية" الإسلام. فكل من ائتم بإبراهيم في ملته فاستقام عليها، فهو"حنيف".
* * *
قال أبو جعفر:"الحنف" عندي، هو الاستقامة على دين إبراهيم، واتباعه على ملته. (٢) . وذلك أن الحنيفية لو كانت حج البيت، لوجب أن يكون الذين كانوا يحجونه في الجاهلية من أهل الشرك كانوا حنفاء. وقد نفى الله أن يكون ذلك تحنفا بقوله:(ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين)[سورة آل عمران: ٦٧]
فكذلك القول في الختان. لأن"الحنيفية" لو كانت هي الختان، لوجب أن يكون اليهود حُنفاء. وقد أخرجهم الله من ذلك بقوله:(مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا)[سورة آل عمران: ٦٧] .
(١) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: ٥٨. (٢) في المطبوعة: "الحنيف عندي هو الاستقامة"، وهو كلام مختلف، صوابه ما أثبت.