قوله تعالى:{أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلّى}(١٣)؛معناه: أخبرني يا محمّد إن كذب أبو جهل بالقرآن، وتولّى عن الإيمان؛ أي أعرض عنه،
{أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى}(١٤)،ألم يعلم أبو جهل أنّ الله يرى صنعه.
وقوله تعالى:{كَلاّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنّاصِيَةِ}(١٥)؛قسم من الله تعالى: لئن لم يمتنع أبو جهل عن مقالته وصنعه لنأخذنّ بمقدم شعر رأسه، ولنأمرنّ بجذبه إلى النار، والسّفع في اللغة: هو الجذب الشديد، والعرب لا تأنف من شيء أنفها من ذكر النّاصية. وقيل: معنى السّفع الإحراق، واللّفح نظيره، والمعنى: لنحرقن موضع ناصيته، وقال الحسن:«معناه: لنجمعنّ ناصيته وقدميه» كما قال تعالى {فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ}(١).
قوله تعالى:{ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ}(١٦)؛إبدال الاقدام النكرة من المعرفة، والمراد بالناصية هاهنا صاحب الناصية كاذب خاطئ، يأكل رزق الله، ويعبد غيره.
قوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ} (١٨)؛قال ابن عبّاس:«لمّا قال أبو جهل للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ألم أنهك عن الصّلاة، انتهره النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأغلظ له وتهدّده، فقال أبو جهل: أتهدّدني وأنا أكبر أهل الوادي، والله لأملأنّ عليك الوادي خيلا جردا ورجالا مردا»(٢)،فأنزل الله تعالى {(فَلْيَدْعُ نادِيَهُ، سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ)} أي فليدع قومه وعشائره ليعاونوه، سندع الزبانية ليأخذوه.
والنّادي في اللغة: المجلس، والمراد بالمجلس هاهنا أهل المجلس. والزبانية: هم الملائكة الموكّلون بتعذيب أهل النار، واحدهم زبن، والزّبن الدفع، يقال: زبنت الناقة الحالبة إذا ركضته برجلها، قال صلّى الله عليه وسلّم:[لو نادى ناديه لأخذته الزّبانية عيانا](٣).
(١) الرحمن ٤١/. (٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (٢٩١٦٦). (٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (٢٩١٦٨ و ٢٩١٦٩).