و؛ هل لك رغبة في أن، {وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ؛} أي إلى معرفة ربك وعبادته وتوحيده ومعرفة صفاته، {فَتَخْشى}(١٩)؛عقابه إن لم تطعه.
ثمّ بيّن الله لموسى أن يمضي (١)، {فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى}(٢٠)؛حتى أراه الآية الكبرى، يعني العصا إذ كانت أكبر آية، وقال بعضهم: اليد البيضاء التي أخرجها، لها شعاع كالشّمس،
{فَكَذَّبَ وَعَصى}(٢١)؛أي فكذب فرعون بأنّها من الله، وعصى موسى فلم يطعه،
{ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى}(٢٢)؛أي أدبر عن الإيمان، وأعرض عنه بعمل الفساد في الأرض، ويقال: أدبر: أسرع هاربا من الجنّة.
قوله تعالى:{فَحَشَرَ؛} أي فجمع قومه وجنوده، {فَنادى}(٢٣)؛ لمّا اجتمعوا،
{فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى}(٢٤)؛أي لا ربّ فوقي، وقيل: إنه جمع قومه بالشّوط يستنصر بهم على إبطال أمر موسى ودفع ضرر الحيّة، فنادى فيهم:
أعيدوا أصنامكم التي كنتم تعبدونها، وأنا ربّ أصنامكم الأعلى.
قوله تعالى:{فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى}(٢٥)؛معناه: لمّا بلغ في استكثاره وكفره إلى حدّ لا ينفع فيه الوعظ، حينئذ أخذه الله بعقوبة صار بها نكالا في الدّنيا والآخرة، و {النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا}(٢)،ولو تفكّر هؤلاء الجهّال لعلموا أنه لو كان إلها لم يحتج إليهم لدفع ضرر الحيّة التي يخافها.
وقيل: معنى {(فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ)} يعني كلمتي فرعون حين قال {ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي}(٣) وقوله {(أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى)} وكان بينهما أربعون سنة (٤).
قال مجاهد: «هذا معنى الآخرة والأولى، وهي الكلمة الأخيرة، وقوله تعالى {ما}
(١) في المخطوط: (ثم بين الله أن موسى يعتصر).وترجح ما أثبتناه قياسا على عبارة الثعلبي في الكشف والبيان: ج ١٠ ص ١٢٧.والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٩ ص ٢٠٢. (٢) غافر ٤٦/. (٣) القصص ٣٨/. (٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٨١٠٤).وعزاه السيوطي إلى الشعبي في الدر المنثور: ج ٨ ص ٤١٠.