أي أذهب البرد النوم، ولأنّ العطشان لينام فيبرد غليله، فلذلك سمي النوم بردا، قال الشاعر (١):
وإن شئت حرّمت النّساء سواكم ... وإن شئت لم أطعم نقاحا ولا بردا
أي نوما (٢).
قوله تعالى:{جَزاءً وِفاقاً}(٢٦)؛انتصب على المصدر؛ أي جوزوا على وفق أعمالهم جزاء. وقيل: تقديره: جزيناهم جزاء، وقوله تعالى (وفاقا) أي وفّقوا أعمالهم وفاقا كما يقول: قاتل قتالا، والمعنى: جوزوا بحسب أعمالهم، قال مقاتل:
«وافق العذاب الذنب، فلا ذنب أعظم من الشّرك، ولا عذاب أعظم من النّار»(٣).
وقوله تعالى:{إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً}(٢٧)؛أي إنّهم كانوا لا يخافون أن يحاسبوا، والمعنى: أنّهم كانوا لا يؤمنون بالبعث ولا بأنّهم يحاسبون،
{وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذّاباً}(٢٨)؛أي وكذبوا بمحمّد صلّى الله عليه وسلّم والقرآن تكذيبا، و (فعّال) من مصادر التّفعيل، قال الفرّاء:(هي لغة فصيحة يمانيّة)(٤)،يقال حرّقت القميص حرّاقا.
قوله تعالى:{وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً}(٢٩)؛أي وكلّ شيء من الأعمال بيّنّاه في اللوح المحفوظ، كقوله تعالى {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ}(٥).
قوله تعالى:{فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاّ عَذاباً}(٣٠)؛أي يقال لهم: ذوقوا العذاب في النار، فلن نزيدكم إلاّ ألوان العذاب لونا بعد لون، وكلّ عذاب يأتي بعد الوقت، فهو زائد على الأوّل.
(١) البيت لعمر بن أبي ربيعة (٢٣ - ٩٣ هـ)،وللحارث المخزومي، (؟؟ -٨٠ هـ).شاعر غزل، ووالي يزيد بن معاوية على مكة، خلال قيام عبد الله بن الزبير رضي الله عنه استتر خائفا، فعزله يزيد. بقي بمكة حتى مات. (٢) النقاح: الماء البارد الصافي، وقيل: الماء العذب. ينظر: لسان العرب: (برد).والصحاح: ج ٢ ص ١٥: (برد). (٣) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ٤٤٢. (٤) في معاني القرآن: ج ٣ ص ٢٢٩؛ قال الفراء: (هي لغة يمانية فصيحة). (٥) يس ١٢/.