قوله تعالى:{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}(٢٥)؛أي صلّ لله تعالى صلاة الفجر وصلاة الظّهر والعصر،
{وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ؛} أي فصلّ له المغرب والعشاء. قوله تعالى:{وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً}(٢٦)؛أي صلّ له في الليل الطويل، يعني: التطوّع بعد المكتوبة، وكان على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يقوم كلّ الليل، ثم نسخ بقوله {قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً}(١).
قوله تعالى:{إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ؛} يعني كفار مكّة يحبّون الدار العاجلة وهي الدّنيا، {وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً}(٢٧)؛أي يتركون العمل للآخرة، وسمّي يوم القيامة يوما ثقيلا؛ لشدّة أهواله، وقد يذكر الوراء بمعنى قدّام، قال الله تعالى:{وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ}(٢).
قوله تعالى:{نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ؛} أي نحن خلقنا أهل مكّة وجميع الناس، وقوّينا خلقهم بعد أن خلقوا من ضعف. وقيل: شددنا مفاصلهم؛ لئلا يسترخي منها شيء؛ أي شددنا بعضها إلى بعض بالعروق والعصب. وقيل: يعني موضع البول والغائط، شددناهما بحيث إذا خرج الأذى منهما ينقبضا. قوله تعالى:
{وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً}(٢٨)؛أي وإذا شئنا أهلكناهم، وأتينا بأشباههم فجعلناهم بدلا منهم.
قوله تعالى:{إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ؛} أي إنّ هذه السورة موعظة من الله، {فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً}(٢٩)؛أي طريقا بالعمل الصالح.
قوله تعالى:{وَما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً}(٣٠)؛أي ما يشاءون اتخاذ السّبيل إلاّ بمشيئة الله ذلك لكم، وقوله تعالى {(إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً)} أي عليما قبل خلقكم بمن يتّخذ سبيلا ومن لا يتّخذ، حكيما فيما أمركم به.
واختلفوا في تفسير هذه الآية، والصحيح: أنّ معناها: وما تشاءون إلاّ أن يشاء الله لكم أن تشاءوا، ودليل ذلك أنه لمّا نزل قوله تعالى:{لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ}