النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نظر العداوة بكراهة شديدة ليتّخذ طعنا فيهم. وقيل: ثم نظر في طلب ما يدفع به القرآن ويرده.
قوله تعالى:{ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ}(٢٢)؛أي ثمّ كلح في وجوه أصحابه (١) وقبض جبهته، والبسور أشدّ من العبوس، والمعنى: ثم كلح بوجهه ونظر بكراهة شديدة.
وقوله تعالى:{ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ}(٢٣)؛أي ثمّ أعرض عن قبول القرآن واتّباع الرسول وتعظّم من الإيمان،
{فَقالَ إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ}(٢٤)؛ أي قال ما هذا القرآن إلاّ سحر يروى عن السّحرة؛ أي يأثره محمّد عن غيره، وذلك أنه كره أن يقول إنّ محمّدا ساحر، فيغضب بنو هاشم، فقال: إنما السّحر في الأعاجم، وهذا إنما يأثر السحر عن غيره، وكان يقول في القرآن: ما هو سحر ولا كهانة ولكنّه سحر يؤثر عن قول البشر؛ أي يحكى بينهم.
ومعنى قوله تعالى:{إِنْ هذا إِلاّ قَوْلُ الْبَشَرِ}(٢٥)؛يعني أنه كلام الإنس وليس من عند الله.
قوله تعالى:{سَأُصْلِيهِ سَقَرَ}(٢٦)؛أي سأدخله وألزمه في الآخرة سقر بما فعل، واستكبر عن قبول الحقّ، وسقر اسم من أسماء النار، وهي معرفة مؤنّثة، فلذلك لم تنصرف.
قوله تعالى:{وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ}(٢٧)؛تعظيم لأمرها، وإنما سميت بهذا الاسم لشدّة إيلامها من قولهم: سقرته الشمس إذا آلمت دماغه.
قوله تعالى:{لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ}(٢٨)؛أي لا تبقي لحما ولا تذر عظما، وعن مجاهد:«لا تبقي من فيها حيّا ولا تذره ميتا»(٢).
وقوله تعالى:{لَوّاحَةٌ لِلْبَشَرِ}(٢٩)؛أي مغيّرة للجلد حتى تجعله أسود، يقال: لوّحته الشمس، ولاحه السّقم والحزن إذا غيّره. قيل: إنّها تغيّر الجلد حتى تدعه أسود سوادا من الليل.
(١) هنا أدرج الناسخ سهوا عبارة: (رضي الله عنهم) وهو لا يليق؛ لأنهم أصحابه من الكفار وهو كافر أيضا، والكلام بحق الوليد بن المغيرة. (٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٧٤٤٥).