{أَيْدِيَهُمْ؛} بالقتل والضّرب، {وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ؛} بالشّتم والطعن، {وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ}(٢)؛ويحبّون أن تكفروا بالله بعد إيمانكم كما أنّهم كافرون، والمعنى:
لا ينفعكم التقرّب إليهم بنقل أخبار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إليهم.
قوله تعالى:{لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ؛} أي توادّوهم بسبب الأرحام والأولاد، فإنّ الأرحام والأولاد لا ينفعوكم، فلا تعصوا الله ولا تخونوا رسوله لأجلهم، {يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ؛} فيدخل أهل طاعة الله الجنة، ويدخل أهل الكفر النار، {وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ؛} من الخير والشرّ، {بَصِيرٌ}(٣).
ثم ضرب الله لهم إبراهيم مثلا حين تبرّأ من قومه فقال تعالى:{قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ؛} أي قد كانت لكم قدوة حسنة في إبراهيم خليل الله والذين معه من المؤمنين، {إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ؛} لأقاربهم من الكفّار: {إِنّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ؛} ومن دينكم، {وَمِمّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ؛} من الأصنام، {كَفَرْنا بِكُمْ،} تبرّأنا منكم، {وَبَدا؛} وظهر، {بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ؛} بالفعل، {وَالْبَغْضاءُ؛} بالقول، {أَبَداً؛} إلى الأبد، {حَتّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ؛} تقرّوا وتصدّقوا بوحدانيّة الله تعالى، فهلاّ تأسّيت يا حاطب بإبراهيم في إظهاره معاداة الكفّار، وقطع الموالاة بينكم وبينهم كما فعله إبراهيم ومن معه.
قوله تعالى:{إِلاّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ؛} أي قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم وأموره، إلاّ في قوله لأبيه لأستغفرن لك، {لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ}
(١) في المخطوط: (مشددا) وهو خطأ من الناسخ. (٢) ينظر: الكشف والبيان: ج ٩ ص ٢٩٣.والجامع لأحكام القرآن: ج ١٧ ص ٥٥.