قال صلّى الله عليه وسلّم:[ما من مؤمن إلاّ وله في السّماء بابان: باب يصعد فيه عمله، وباب ينزل فيه رزقه، فإذا مات بكيا عليه، وكذلك مصلاّه الّذي كان يصلّي فيه من الأرض] فذلك قوله تعالى: {(فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ)} (١).وعن مجاهد أنه قال:(إذا مات المؤمن بكت عليه الأرض أربعين يوما صباحا)(٢).وعن السديّ قال:
(لمّا قتل الحسين رضي الله عنه بكت السّماء عليه، وبكاؤها حمرة أطرافها)(٣).
والمعنى على هذا: لم يكن لفرعون وقومه موضع طاعة في الأرض ولا مصاعد طاعات في السّماء فتفقدهم وتبكي عليهم، بخلاف المؤمنين. وقوله تعالى:{وَما كانُوا مُنْظَرِينَ}(٢٩)؛أي لم ينظروا ولم يمهلوا حين أخذهم العذاب لتوبة ولا لغيرها.
قوله تعالى:{وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ}(٣٠)؛أي خلّصناهم مما كان فرعون يفعل بهم من ذبح الأبناء واستحياء النّساء واستعمالهم في الأمور الشاقّة.
وقوله تعالى:{مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِياً؛} أي متكبرا؛ {مِنَ الْمُسْرِفِينَ}(٣١)،من المتجاوزين عن الحدّ حتى ادّعى الإلهيّة.
قوله تعالى:{وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ}(٣٢)؛أي اخترنا بني إسرائيل بكثرة الأنبياء صلوات الله عليهم فيهم على عالمي زمانهم،
{وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ؛} من فلق البحر وتظليل الغمام وإنزال المنّ والسّلوى وغير ذلك، {ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ}(٣٣)؛أي نعمة ظاهرة.
قوله تعالى: {إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلاّ مَوْتَتُنَا الْأُولى؛} راجع إلى ذكر كفّار مكّة يقولون: ما الموتة نموتها في الأولى ثم لا نبعث بعدها، ومعنى قوله:{وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ}(٣٥)؛أي بمبعوثين، وهذا ذمّ لهم على الجهل.
(١) في الدر المنثور: ج ٧ ص ٤١١؛ قال السيوطي: (أخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس) وذكره. وأخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٤٠٧٤). (٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٤٠٧٥). (٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٤٠٧٢).