قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا؛} أي يميلون عن الحقّ في آياتنا إلى جانب الباطل، قال مقاتل:(يميلون عن الإيمان بالقرآن (١)) (٢)،وقال مجاهد:
(يلحدون بآياتنا بالمكاء واللّغط)(٣)، {لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا،} بأشخاصهم وأفعالهم وأقوالهم وعزائمهم. واللّحد واللّحاد بمعنى واحد وهو الميل، ومنه الملحد لعدوله عن الحقّ، ومنه اللّحد الذي في القبر لأنه في جانب منه.
قوله تعالى:{أَفَمَنْ يُلْقى فِي النّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ؛} هو تقدير نفي المساواة بين الفريقين. قيل: المراد قوله {(أَفَمَنْ يُلْقى فِي النّارِ)} أبو جهل وجدله {(خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ)} حمزة، وقوله:{اِعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}(٤٠)؛لفظه لفظ الأمر، ومعناه التهديد والوعيد.
وقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ؛} أي بالقرآن، {لَمّا جاءَهُمْ؛} وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ}(٤١)؛محذوف الجواب، تقديره: {(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمّا جاءَهُمْ)} سينزل بهم من العذاب ما هو مذكور في الكتاب العزيز.
والعزيز: هو الكريم على الله. وقيل: هو الممتنع على من يريد معارضته وتغييره بزيادة ونقصان.
قوله تعالى:{لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ؛} أي لا يأتيه التكذيب من الكتب التي قبله ولا يجيء بعده كتاب فيبطله، وقال الزجّاج:(معناه: أنّه محفوظ من أن ينقص منه فيأتيه الباطل من بين يديه، أو يزاد فيه فيأتيه الباطل من خلفه)(٤)،فمعنى الباطل على هذا الزيادة والنقصان. وفي عين المعاني:(الباطل إبليس).
(١) في المخطوط: (بالكفران). (٢) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ١٦٨. (٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٣٥٩١). (٤) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: ص ٢٩٤.