قال ابن مسعود: «إنّ في التّوراة مكتوب: لقد أعدّ الله للّذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولا خطر على قلب بشر، وما لم يحمله ملك مقرّب، وإنّه في القرآن: {(فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)}.» (١).
قرأ حمزة «(ما أخفي لهم)» بإسكان الياء؛ أي ما أخفي لهم أنا، وحجّته {(قُرَّةِ)}.
وقرأ عبد الله: «(نخفي لهم)» بالنون. وقرأ محمّد بن كعب: «(ما أخفى لهم)» بفتح الألف والفاء، يعني أخفى الله لهم.
قوله تعالى:{أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ}(١٨)؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما:«نزلت هذه الآية في عليّ بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط، جرى بينهما تنازع وتسابّ، فقال له الوليد: اسكت فإنّك صبيّ وأنا والله أحدّ منك لسانا وأبسط منك في القول، وأملأ منك في الكتيبة. فقال له عليّ رضي الله عنه: أسكت فإنّك فاسق تقول الكذب. فأنزل الله هذه الآية»(٢).والمراد بالمؤمن:
عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وبالفاسق: الوليد بن عقبة.
وقال الزجاج: «إنّه لم يرد بالمؤمن مؤمنا، ولذلك قال: {(لا يَسْتَوُونَ)} ولم يقل: لا يستويان».وقال قتادة في معنى الآية:«والله ما استووا لا في الدّنيا ولا عند الموت ولا في الآخرة»(٣).
قوله تعالى:{أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنّاتُ الْمَأْوى؛} التي يأوي إليها المؤمنون، وقوله:{نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ}(١٩)؛أي معدّة لهم بأعمالهم.
(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ج ٩ ص ٢١٣:الحديث (٩٠٣٩) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. وفي مجمع الزوائد: ج ٧ ص ٩٠؛قال الهيثمي: (رواه الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمّد ابن سعيد وهو ضعيف).وأخرجه الحاكم في المستدرك: كتاب التفسير: الحديث (٣٦٠٣)، وقال: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه). (٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (٢١٥٣٢) عن عطاء مرسلا. والواحدي في أسباب النزول: ص ٢٣٥ - ٢٣٦.وابن أبي حاتم في التفسير الكبير: الحديث (١٧٨٥٠). (٣) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير: الأثر (١٧٨٥٢).