عنه. فذلك قوله:{وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ}(٦)؛أي ليصرف الناس عن دين الله بلا علم، ومن قرأ «(ليضلّ)» بفتح الياء، فمعناه: ليتشاغل بما يلهيه، وليصير أمره إلى الضّلال والباطل.
ومعنى قوله تعالى {(لَهْوَ الْحَدِيثِ)} أي باطل الحديث، هذا قول الكلبيّ ومقاتل، وقيل: المراد بلهو الحديث الغناء، وعن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:[لا يحلّ تعليم المغنّيات ولا بيعهنّ ولا شراؤهنّ، وثمنهنّ حرام، والّذي نفس محمّد بيده؛ ما رفع رجل قطّ عقيرته يتغنّى إلاّ ارتدفه شيطانان يضربان بأرجلهما على ظهره وصدره حتّى يسكت](١)،وهذا قول سعيد بن جبير ومجاهد وابن مسعود، قالوا:(هو والله الغناء، واشتراء المغنّية والمغنّي بالمال).
وقال صلّى الله عليه وسلّم:[من ملأ مسامعه من غناء لم يؤذن له أن يسمع أصوات الرّوحانيّين يوم القيامة] قيل: وما الرّوحانيّون يا رسول الله؟ قال:[أهل الجنّة](٢)، وعن إبراهيم النخعيّ أنه قال:(الغناء ينبت النّفاق في القلب)(٣) وقال مكحول: (من اشترى جارية ضرّابة ليمسكها لغنائها وضربها مقيما عليه حتّى يموت لم أصل عليه)(٤).
قوله تعالى: {(بِغَيْرِ عِلْمٍ)} أي أنه جاهل فيما يفعل، لا يفعله عن علم، {(وَيَتَّخِذَها هُزُواً)} بالرفع عطفا على {(مَنْ يَشْتَرِي)}،وبالنصب عطفا على {(لِيُضِلَّ)}،
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (٢١٣٥٨) بأسانيد وألفاظ عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ... وذكره. وفي مجمع الزوائد: ج ٨ ص ١١٩ - ١٢٠؛قال الهيثمي: (رواه الطبراني بأسانيد، ورجال أحدها وثقوا وضعفوا).وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ج ٨ ص ١٩٨:الحديث (٧٨٠٥).وفي مجمع الزوائد: ج ٨ ص ١٢٢ قال: (فيه علي بن يزيد الألهاني، وهو ضعيف). وفي ج ٨ ص ٢١٢:الحديث (٧٨٥٥ و ٧٨٦٢)،وفيه علي هذا أيضا. (٢) في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٤ ص ٥٤؛ قال القرطبي: (أخرجه الترمذي الحكيم أبو عبد الله في نوادر الأصول). (٣) في الدر المنثور: ج ٦ ص ٥٠٥؛قال السيوطي: (أخرجه ابن أبي الدنيا عن إبراهيم النخعي). (٤) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ١٠١١.