والمعنى: أنّ الله تعالى أمر نبيّه صلّى الله عليه وسلّم أن يقول للذين يستعجلون بالعذاب: قد دنا لكم بعض ما تستعجلون، فكان بعض الذي دنا لهم القتل ببدر، والقحط الذي سلّط عليهم عقيب هذه الآية حتى أكلوا الجيف. والمعنى في {(رَدِفَ لَكُمْ)} أي ردفكم، فأدخل اللاّم فيه كما أدخلها في قوله تعالى:{لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}(٢) و {لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ،}(٣) قال الفرّاء: (اللاّم صلة زائدة، كما يقولون نقدته ونقدت له)(٤).
قوله تعالى:{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النّاسِ؛} قال مقاتل: (معناه:
لذو فضل على أهل مكّة حتّى لا يعجلهم بالعذاب) (٥){وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ}(٧٣)؛وقيل: لذو فضل عليهم بإمهالهم والإنعام عليهم، ولكنّهم لا يشكرون فضله عليهم،
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ؛} أي ما تخفي صدورهم من البغض والعداوة، {وَما يُعْلِنُونَ}(٧٤)؛بألسنتهم من الكفر والتكذيب وعدائه صلّى الله عليه وسلّم فيجازيهم على ذلك.
قوله تعالى:{وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ}(٧٥)؛ أي وما من جملة غائبة خافية على أهل السّماء والأرض، إلاّ وهو مكتوب في اللّوح المحفوظ بيّن فيه.
قوله تعالى:{إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ؛} أي بيّن لبني إسرائيل، {أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}(٧٦)؛كاختلاف اليهود والنّصارى في المسيح وفي غيره من الأنبياء، وكاختلافهم في صفة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم والمبشّر
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٠٦٠٦). (٢) الأعراف ١٥٤/. (٣) يوسف ٤٣/. (٤) في معاني القرآن للفراء: ج ٢ ص ٢٩٩ - ٣٠٠ بلفظ قريب؛ قال: (كما قال بعض العرب: نفذت لها مائة، وهو يريد: نفذتها مائة).ونقل البغوي قول الفراء كما حكاه الطبراني، ينظر: معالم التنزيل: ص ٩٦٧.والجامع لأحكام القرآن: ج ١٣ ص ٢٣٠. (٥) قاله مقاتل في التفسير: ج ٢ ص ٤٨٥.