قوله تعالى:{قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ؛} أي قالوا فيما بينهم:
احلفوا بالله؛ أي تحالفوا بالله لتدخلنّ على صالح وعلى أهله الذين آمنوا معه ليلا فنقتلهم بياتا. قرأ يحيى وحمزة والأعمش والكسائي وخلف «(لتبيّتنّه)» بالتاء و «(ليقولنّ)» بالياء وضمّ التاء واللاّم على الخطاب.
قوله تعالى:{ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنّا لَصادِقُونَ}(٤٩)؛فيما نقول، وقرأ عاصم برواية أبي بكر «(مهلك)» بفتح الميم واللام، والمهلك: يجوز أن يكون مصدرا بمعنى الإهلاك، ويجوز أن يكون الموضع.
وروى حفص عن عاصم {(مَهْلِكَ)} بفتح الميم وكسر اللاّم وهو اسم المكان على معنى: ما شهدنا موضع هلاكهم (١).
قال الزجّاج:(تحالف هؤلاء التّسعة على أن يبيّتوا صالحا وأهله، ثمّ ينكروا عند أوليائه، وكان هذا منكرا عزموا عليه)(٢)،كما قال تعالى:
{وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}(٥٠)؛أي دبّروا في أمر صالح عليه السّلام وأهله من حيث لم يشعر بهم صالح ولا أهله، {(وَمَكَرْنا مَكْراً)} أي دبّرنا نحن في هلاكهم مجازاة لهم على مكرهم بتعجيل عقوبتهم {(وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)} بما أردنا فيهم.
قوله تعالى:{فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ؛} أي فانظر يا محمّد {(كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ)} أي كيف كان آخر مكرهم، {أَنّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ}(٥١).
قرأ الحسن وأهل مكّة والأعمش {(أَنّا دَمَّرْناهُمْ)} بفتح الهمزة ولذلك وجهان في أحدهما: أن تكون بدلا في محلّ الرفع تبعا للعاقبة، كأنّه قال: العاقبة أنّا دمّرناهم.
والثاني: أنّ موضعها نصب على خبر كان، تقديره: كان عاقبة مكرهم التّدمير. وقرأ الباقون بالكسر على الابتداء وهو تفسير ما كان قبله مثل قوله {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ، أَنّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا}. (٣)
(١) ينظر: الحجة للقراء السبعة: ج ٣ ص ٢٤٠. (٢) في معاني القرآن وإعرابه: ج ٤ ص ٩٤،وحكاه المصنف رحمه الله بتصرف ليس بالنص كما هو. (٣) عبس ٤/-٢٥. ينظر: معاني القرآن للفراء: ج ٢ ص ٢٩٦.وإعراب القرآن للنحاس: ج ٣ ص ١٤٧ - ١٤٨.