قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ؛} الذّرّيّة تكون واحدا وجمعا، فكونها الواحد: قوله تعالى: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً}(١)،وكونها للجمع قوله تعالى:{ذُرِّيَّةً ضِعافاً}(٢).وقوله تعالى {(قُرَّةَ أَعْيُنٍ)}: {(يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيّاتِنا)} أراد أتقياء. وقال مقاتل:(معناه: اجعلهم صالحين فنقرّ أعينا بذلك)(٣).وقال الحسن:(ما من شيء أقرّ لعين المسلم من أن يرى ولده وولد ولده مطيعين لله)(٤).
وقوله تعالى:{وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً}(٧٤)؛أي يقتدي بنا في الخير، والمعنى: اجعلنا صالحين نأتمّ بمن قبلنا من المسلمين حتى يأتمّ بنا من بعدنا.
قال الفرّاء:(إنّما قال {(إِماماً)} ولم يقل: أئمّة كما قال: {(إِنّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ)} للاثنين، يعني: إنّه من الواحد الّذي يريد به الجميع) (٥).وفي الحديث:[من رزق إيمانا وحسن خلق فذاك إمام المتّقين](٦).
وقوله تعالى:{أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا؛} أي أهل هذه الخصال هم الذين يجزون الغرفة في الجنّة بصبرهم على الطاعة وعن المعصية وعلى مكاره الزّمان ومحن الدّنيا. والغرفة هي البناء العالي المرتفع، قال مقاتل:
(يعني غرف الجنّة).وقال مقاتل:(هي غرفة من الزّبرجد والدّرّ والياقوت).
قوله تعالى:{وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً}(٧٥)؛أي وتتلقّاهم الملائكة في تلك الغرف بالتحيّة والسّلام من الله تعالى. قرأ أهل الكوفة «(يلقون)» بفتح الياء والتخفيف.
وقوله تعالى:{خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً}(٧٦) أي حسنت تلك الغرف في المستقرّ والمقام.
(١) آل عمران ٣٨/. (٢) النساء ٩/. (٣) قاله مقاتل في التفسير: ج ٢ ص ٤٤٣. (٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٠١٦٢).وابن أبي حاتم في التفسير: الأثر (١٥٤٨٥). (٥) قاله الفراء في معاني القرآن: ج ٢ ص ٢٧٤. (٦) لم أقف عليه.