{آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ؛} أي والذين يتصدّقون بالأموال، ويعملون ما عملوا من الصّالحات، وقلوبهم فزعة خائفة أن لا يقبل منهم ذلك. قال مجاهد:(المؤمن ينفق ماله وقلبه وجل)(١).
وعن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن قوله {(وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ)}،فقال:[لا يا ابنة الصّدّيق، الّذين يصومون ويتصدّقون ويخافون أن لا تقبل منهم، ويصلّون ويعرفون ألاّ تقبل منهم، ويتصدّقون ويعرفون ألاّ تقبل منهم](٢).وقال الحسن: {(وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا}؛أي يعملون ما عملوا من البرّ وهم يرون أنّ ذلك لا ينجيهم من عذاب الله)(٣)،قال الزجّاج:
(وقلوبهم وجلة {أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ} (٦٠)؛أي لأنّهم يوقنون برجوعهم إلى الله.
قوله تعالى:{أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ؛} أي أهل هذه الصّفة هم الذين يسارعون في الأعمال الصالحة، {وَهُمْ لَها سابِقُونَ}(٦١)؛أي إليها سابقون، يكون {(لَها)} بمعنى إليها، كقوله:{بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها}(٤) أي إليها. وقيل:
معناه: وهم لها سابقون في الجنّة؛ أي من أجل مسارعتهم في الخيرات سابقون في الجنّة.
وقوله تعالى:{وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها؛} أي إلاّ طاقتها من العمل، فمن لم يستطع أن يصلّي قائما فيصلّي قاعدا. وقوله تعالى:{وَلَدَيْنا كِتابٌ؛} أي عند ملائكتنا المقرّبين كتاب يشهد لكم وعليكم، يريد به صحائف الأعمال، وقيل:
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (١٩٣٣٠). (٢) رواه الإمام أحمد في المسند: ج ٦ ص ١٥٩.والترمذي في السنن: كتاب التفسير: باب ومن سورة المؤمنون: الحديث (٣١٧٥).وابن ماجة في السنن: كتاب الزهد: باب التوقي على العمل: الحديث (٤١٩٨). (٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٩٣٣٦). (٤) الزلزلة ٥/.