الأقرب؛ لأنه إنّما أمر بهذا الدّعاء في حال استوائه على السفينة، فاقتضى أن السفينة هي المنزل دون منزل آخر.
وقرأ العامة {(مُنْزَلاً)} بضمّ الميم على المصدر؛ أي إنزالا مباركا، وقرأ أبو بكر بفتح الميم وكسر الزّاي؛ أي موضعا مباركا (١)،قال مقاتل:(يعني بالبركة أنّهم توالدوا وكثروا)(٢).
وقوله تعالى:{وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ}(٢٩)؛أي أنت خير المنزلين في الدّنيا والآخرة، وهذا اللفظ سنّة لكلّ من أراد أن ينزل منزلا.
قوله تعالى:{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ؛} معناه: أنّ في أمر نوح والسّفينة وهلاك أعداء الله لدلالات على قدرة الله ووحدانيّته، {وَإِنْ كُنّا لَمُبْتَلِينَ}(٣٠) أي ما كنّا إلاّ مبتلين بإرسال الرّسل إليهم؛ أي مختبرين إيّاهم كيف نرى طاعة المطيعين ومعصية العاصين.
وقوله تعالى:{ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ}(٣١)؛أي ثم خلقنا من بعد هلاك قوم نوح قوما آخرين يعني: عادا،
{فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ؛} يعني هودا عليه السّلام فإنّ أول نبيّ بعد نوح هود عليه السّلام فقال لهم: {أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ}(٣٢)؛إلى آخر الآية.
قوله تعالى:{وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ؛} أي جحدوا البعث والنّشور، {وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا؛} أي متّعناهم في الحياة الدّنيا وأعطيناهم من نعيم العيش ووسّعنا عليهم ونعّمناهم؛ أي قال أشراف قوم هود ورؤساؤهم الذين جحدوا بالبعث والنشور ومتّعناهم في الحياة الدّنيا:{ما هذا؛} أي ما هو {إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ؛} أي آدميّ مثلكم، {يَأْكُلُ مِمّا}
(١) نقله الطبري في جامع البيان: مج ١٠ ج ١٨ ص ٢٥؛ قال: (وقرأه عاصم) وذكره. وفي الجامع لأحكام القرآن: ج ١٢ ص ١١٩ - ١٢٠؛ قال القرطبي: (وقرأ زر بن حبيش وأبو بكر عن عاصم والمفضل) وذكره. (٢) قاله مقاتل في التفسير: ج ٢ ص ٣٩٥.