قوله تعالى:{كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ}(٩٠)؛قال الحسن:(معناه: وأنزلنا عليك القرآن كما أنزلنا على المقتسمين وهم اليهود والنّصارى)(١).سمّاهم مقتسمين؛ لأنّهم اقتسموا كتب الله تعالى، فآمنوا ببعضها وكفروا ببعضها، وهم،
{الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ}(٩١)؛أي فرّقوه فآمنوا ببعضه وهو ما وافق دينهم، وكفروا ببعضه وهو ما خالف دينهم،
وقال بعضهم: رهط من أهل مكّة، قال مقاتل:(ستّة عشر رجلا بعثهم الوليد ابن المغيرة أيّام الموسم، فاقتسموا الأعقاب (٢)،وقعدوا على طريقها، فإذا جاء الحجّاج قال فريق منهم: لا تغترّوا بهذا الخارج منّا المدّعي النّبوّة فإنّه مجنون، وقالت طائفة أخرى على طريق أخرى: إنّه كاهن، وقالت طائفة أخرى: شاعر، والوليد قاعد على باب المسجد نصّبوه حكما، فإذا سئل عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:
صدق أولئك يعني المقتسمين) (٣).
قوله تعالى: {(الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ)} هم هؤلاء المقتسمين جزّءوا القرآن، فقال بعضهم: سحر، وقال بعضهم: كذب، وقال بعضهم: شعر، وقال بعضهم:
أساطير الأوّلين، وقال بعضهم: مفترى. ومعنى التّعضية: التفريق، يقال: عضيت الشيء إذا فرّقته.
قوله تعالى:{فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}(٩٢)؛أي في الآخرة،
{عَمّا كانُوا يَعْمَلُونَ}(٩٣)؛من تفريق القرآن، وصرفهم الناس عن دين محمّد صلّى الله عليه وسلّم.
(١) أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب التفسير: سورة الحجر: الحديث (٤٧٠٥ و ٤٧٠٦) عن ابن عباس قال: (آمنوا ببعض وكفروا ببعض، اليهود والنّصارى). (٢) الأعقاب: ما بعد مكة من الطرق يفد منها الناس. (٣) تفسير مقاتل: ج ٢ ص ٢١١،وينظر: الجامع لأحكام القرآن: ج ١٠ ص ٥٨.