قوله تعالى:{وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ؛} معناه: ارتبطوا الخيل لهم ولقتالهم؛ أي أعدّوا لهم ذلك لتخويف عدوّ الله وعدوّكم {(وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ)} أي من دون كفّار العرب وأهل الكتاب {(لا تَعْلَمُونَهُمُ)} أي لا تعرفونهم. قال ابن عبّاس:(يعني كفّار الجنّ)(١)،قال صلّى الله عليه وسلّم:[لا يقرب صاحب قوس جنّيّ أبدا].ويقال: إن الجنّ لا تدخل بيتا فيه قوس ولا سلاح.
قال السديّ:(أراد به أهل فارس)(٢)،وقال الحسن:(هم المنافقون)،وقال الضحّاك:(هم الشّياطين)،ولا يمتنع أن يكون الكلّ مراد بالآية. قوله تعالى:{وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ؛} أي ما تنفقوا من شيء في الجهاد يوفّ إليكم ثوابه، {وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ}(٦٠)؛أي لا ينقص شيء من حقّكم.
قوله تعالى:{*وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها؛} معناه: فإن مالت يهود بني قريظة إلى الصّلح فمل إليهم وصالحهم، فكان هذا قبل نزول براءة، ثم نسخ بقوله:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}(٣) وبقوله: {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ}(٤).
والسّلم والسّلم بالخفض والنصب، وإنما قال {(فَاجْنَحْ لَها)} لأن السّلم والمسالمة بمعنى واحد، فردّ الكناية إلى المعنى. قوله تعالى:{وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ؛}
(١) في جامع البيان: الأثر (١٢٦٠٨)؛قال الطبري: ((وقال آخرون: هم قوم من الجن)).وفي الجامع لأحكام القرآن: ج ٨ ص ٣٨؛ قال القرطبي: ((قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [هم الجنّ] ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [إنّ الشّيطان لا يخبّل أحدا في دار فيها فرس عتيق].وقال: هذا الحديث أسنده الحارث بن أبي أسامة عن ابن الملكي عن أبيه عن جده عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وروي: [إنّ الجنّ لا تقرب دارا فيها فرس، وإنّها تنفر من صهيل الخيل])).وفي المطالب العالية: ج ٣ ص ٣٣٥ - ٣٣٦:الحديث (٣٦٣٠) كما حكاه القرطبي. وفي مجمع الزوائد: ج ٧ ص ٢٧؛قال الهيثمي: ((رواه الطبراني فيه مجاهيل)). (٢) أخرجه الطبراني في جامع البيان: الأثر (١٢٦٠٦).وابن أبي حاتم في التفسير: الأثر (٩١١٠): ج ٥ ص ١٧٢٤. (٣) التوبة ٥/. (٤) التوبة ٢٩/.