يستبشرون بنعمة من الله وفضل (١). وهذا يدلُّ على تلاقيهم من ثلاثة أوجه:
أحدها (٢): أنهم أحياءٌ عند الله، وإذا كانوا أحياء فهم يتلاقون.
الثاني: أنَّهم إنما استبشروا بإخوانهم لقدومهم عليهم ولقائهم لهم.
الثالث: أنّ (٣) لفظ "يستبشرون" يفيد في اللغة أنهم يبشِّر بعضُهم بعضًا مثل "يتباشرون".
وقد تواترت المرائي بذلك. فمنها ما ذكره صالح بن بَشِير قال: رأيت عطاءً السَّلِيمي (٤) في النوم بعد موته فقلت له: يرحمك الله (٥)، لقد كنتَ طويل الحزن في الدنيا. فقال: أما والله لقد أعقبني ذلك فرحًا طويلًا وسرورًا دائمًا. فقلتُ: في أيّ الدرجات أنت؟ قال:{مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}[النساء: ٦٩](٦).
(١) يشير إلى الآيات (١٦٩ - ١٧١) من سورة آل عمران. (٢) "أحدها": ساقط من (ن). (٣) "أن": ساقط من (ب، ط). (٤) في جميع النسخ: "السلمي". وقد ضبط في: (أ، ط، غ) بضم السين، وهو تحريف. والصواب ما أثبتنا، نسبة إلى سَليمة بن مالك بن فهم، بطن من الأزد. وهو زاهد مشهور من أهل البصرة، من صغار التابعين، قيل إ نه مات بعد سنة ١٤٠. انظر: اللباب لابن الأثير (٢/ ١٣٤) وسير أعلام النبلاء (٦/ ٨٦) وتوضيح المشتبه (٥/ ١٥٧). (٥) (ب، ط): "رحمك الله". (٦) إحياء علوم الدين (٤/ ٥٠٨). وأخرجه ابن أبي الدنيا في المنامات (٥٦) بنحوه. ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (٦/ ١٨٤).