وأعظمُ الناسِ [١٦٢ أ] غرورًا بربِّه مَن إذا مسَّه الله برحمة منه وفضل قال: «هذا لي». أي: أنا أهله، وجدير به، ومستحق له. ثم قال:{وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً}[الكهف: ٣٦] فظنَّ أنه أهلٌ لما أُولِيَه (٣) من النعم مع كفره بالله. ثم زاد في غروره، فقال:{وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى}[فصلت: ٥٠] يعني: الجنة والكرامة. فهكذا تكون الغِرَّة بالله، فالمغترُّ بالشيطان مغترٌّ بوعوده وأمانيه، وقد ساعده اغترارُه بدنياه ونفسِه، فلا يزال كذلك حتى يتردَّى في آبار الهلاك.
فصل
والفرق بين الرجاء والتمني: أنَّ الرجاء يكون مع بذلِ الجهد واستفراغِ الطاقة في الإتيان بأسباب الظَّفر والفوز. والتمني: حديثُ النفس بحصول ذلك مع تعطيل الأسباب الموصلة إليه. قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ}[البقرة: ٢١٨] فطوى سبحانه بساطَ الرجاء إلا عن هؤلاء.
(١) (أ، ق، غ): «وقال». (٢) «وقال ... الغرور» ساقط من الأصل. (٣) (ب): «أوتيه». وفي النسخ المطبوعة: أولاه.