من حصول الانحلال والذبول في هذا البدن حصولُهما في جوهر النفس.
فصل
قولكم في التاسع: إنَّ القوة العقلية غنيَّة في أفعالها عن الجسم، وما كان غنيًّا عن الجسم في أفعاله كان غنيًّا عنه في ذاته، إلى آخره.
جوابه أن يقال: لا يلزم من ثبوت حكمٍ في قوةٍ جسمانيَّةٍ ثبوتُ مثلِ ذلك الحكم في جميع القوى الجسمانية. وليس معكم غيرُ الدعوى المجرَّدة، والقياس الفاسد.
وأيضًا: فالصور والأعراض محتاجةٌ إلى محلِّها، وليس احتياجُها إلى تلك المحالِّ إلا لمجرَّد ذواتها. ثم لا يلزم من استقلالها بهذا الحكم استغناؤها في ذواتها عن تلك المحالِّ. فلا يلزم [١٣٧ ب] من كونِ الشيء مستقلًّا باقتضاء حكمٍ من الأحكام أن يكون مستغنيًا في ذاته عن المحلِّ، والله أعلم.
قولكم في العاشر: إن القوة الجسمانية تكِلُّ بكثرة الأفعال، ولا تقوى على القوي بعد الضعيف، إلى آخره.
جوابه: أنَّ القوة الخيالية جسمانيةٌ، ثم إنها تقوى على تخيُّل الأشياءِ العظيمة مع تخيُّلها الأشياءَ (١) الحقيرة، فإنها يمكنها (٢) أن تتخيل الشعلةَ الصغيرةَ حال ما تَخَيَّلُ الشمسَ والقمر.