قرأ أبو بكر- شعبة بن عياش- راوي عاصم:(وجعلنا لمهلكهم موعدا)(١) بفتح الميم واللام. أي: جعلنا لهلاكهم موعدا. جعله مصدرا (هلك، مهلك، مهلكا)، وكل ما كان على (فعل، يفعل)، فاسم المكان منه على (مفعل) والمصدر على (مفعل) بفتح العين.
قال أهل البصرة: تأويل (المهلك) على ضربين: على المصدر، وعلى الوقت. فمعنى المصدر:(لإهلاكهم)، ومعنى الوقت: لوقت إهلاكهم. قالوا: وهو الاختيار؛ لأن المصدر من (أفعل) في المكان، والزمان يجيء على (مفعل) كقوله: وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ [الإسراء: ١٧/ ٨٠].
[وثمرة الخلاف:]
أن المولى سبحانه أخبر أن هلاك الأمم ووقت هذا الهلاك ومكانه كل ذلك مقرر بأجل مسمى عند الله عزّ وجلّ.
وإنما تظهر هذه المعاني من التأليف بين القراءات الثلاث، وهي معاني كمل بعضها بعضا- كما ترى- لا تتنافر ولا تتدابر (٢).
(١) حجة القراءات لأبي زرعة بن زنجلة، ط مؤسسة الرسالة ٤٢١. وانظر سراج القاري لابن القاصح، ط البابي الحلبي ٢٧٩. وعبارة الشاطبي: لمهلكهم ضموا ومهلك أهله ... سوى عاصم والكسر في اللام عولا (٢) حجة القراءات لأبي زرعة ٤٢١.