وتوجيه قراءة الكسائي: هل تقدر يا عيسى أن تسأل ربك؛ لأنهم كانوا مؤمنين، وقد أثنى الله عليهم، وأوحى إليهم (٣)، كما في قوله تعالى: وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي [المائدة: ٥/ ١١١]، وكانت عائشة تقول: كان القوم أعلم بالله من أن يقولوا: (هل يستطيع ربك) إنما قالوا: (هل تستطيع ربّك)(٤).
واحتجّ أبو زرعة لاختيار الكسائي بقوله: الله تعالى سمّاهم حواريين، ولم يكن الله ليسميهم بذلك وهم برسالة رسوله كفرة.
قال أهل البصرة- يريد الكسائي وأصحابه- المعنى:(هل تستطيع سؤال ربك) فحذف السؤال، وألقى إعرابه على ما بعده فنصبه كما قال: واسأل القرية، أي أهل القرية (٥).
والمراد أنهم حين ذكروا الاستطاعة أرادوا بها الاحتجاج للسيد المسيح عليهم، كأنهم قالوا:
(١) ويجدر الإشارة هنا إلى أن الكسائي أدغم اللام في التاء: هل تستطيع، وهو وجه في القراءة والأداء لا يؤثر على المعنى. انظر السبعة في القراءات لابن مجاهد ٢٤٩. (٢) سراج القاري لابن القاصح العذري ٢٠٥. وعبارة الشاطبي: وخاطب في هل يستطيع رواته ... وربك رفع الباء بالنصب رتلا وانظر السبعة في القراءات لابن مجاهد ٢٤٩. (٣) لا جدال في التصريح بأن الله أوحى إلى الحواريين، لقوله سبحانه: وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ ولكن ما طبيعة هذا الوحي؟ ثمة تأويلان: الأول: أوحى إليهم عن طريق رسله. الثاني: أوحى إليهم وحي إلهام. كما في قوله سبحانه: وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه. (٤) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٦/ ٣٦٤. (٥) حجة القراءات لأبي زرعة ٢٤٠.